جَاوَزَ الثُّلُثَ فَلِلْأَجْنَبِيِّ السُّدُسُ) وَلِلْوَارِثِ السُّدُسُ، لِأَنَّ الْوَارِثَ يُزَاحِمُ الْأَجْنَبِيَّ مَعَ الْإِجَازَةِ فَإِذَا رَدُّوا تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ تَلِفَ بِغَيْرِ رَدٍّ.
(وَلَوْ رَدُّوا نَصِيبَ الْوَارِثِ وَأَجَازُوا لِلْأَجْنَبِيِّ فَلَهُ الثُّلُثُ كَإِجَازَتِهِمْ لِلْوَارِثِ) فَيَكُونُ لَهُ الثُّلُثُ لِأَنَّ لَهُمْ أَنْ يُجِيزُوا لَهُمَا وَيَرُدُّوا عَلَيْهِمَا فَلَهُمْ أَنْ يُجِيزُوا لِأَحَدِهِمَا وَيَرُدُّوا عَلَى الْآخَرِ (وَإِنْ رَدُّوا وَصِيَّةَ الْوَارِثِ وَنِصْفَ وَصِيَّةِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَهُ) أَيْ: الْأَجْنَبِيِّ (السُّدُسُ) لِأَنَّ لَهُمْ أَنْ يُجِيزُوا الثُّلُثَ لَهُمَا فَيَشْتَرِكَانِ فِيهِ فَإِذَا رَجَعُوا فِيمَا لِلْوَارِثِ لَمْ يَزِدْ الْأَجْنَبِيُّ عَلَى مَالِهِ حَالَ الْإِجَازَةِ لِلْوَارِثِ وَلَوْ أَرَادُوا نَقْصَ الْأَجْنَبِيِّ عَنْ نِصْفِ وَصِيَّتِهِ لَمْ يَمْلِكُوا ذَلِكَ، أَجَازُوا لِلْوَارِثِ أَوْ رَدُّوا.
(وَلَوْ وَصَّى لَهُ وَلِجِبْرِيلَ) بِثُلُثِ مَالِهِ (أَوْ لَهُ وَلِحَائِطٍ بِثُلُثِ مَالِهِ فَلَهُ جَمِيعُ الثُّلُثِ) لِأَنَّ مَنْ أَشْرَكَهُ مَعَهُ لَا يَمْلِكُ فَلَمْ يَصِحَّ التَّشْرِيكُ.
(وَلَوْ وَصَّى لَهُ وَلِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِثُلُثِ مَالِهِ قُسِمَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيُصْرَفُ مَا لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ) كَخُمُسِ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ.
(وَلَوْ وَصَّى لَهُ وَلِلَّهِ) سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (أَوْ لَهُ وَلِإِخْوَتِهِ) بِشَيْءٍ (قُسِمَ نِصْفَيْنِ) وَصُرِفَ مَا لِلَّهِ فِي الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ (وَلَوْ وَصَّى لِزَيْدٍ وَلِلْفُقَرَاءِ بِثُلُثِهِ قُسِمَ) الثُّلُثُ (بَيْنَ زَيْدٍ وَالْفُقَرَاءِ نِصْفَيْنِ نِصْفُهُ لَهُ) أَيْ: لِزَيْدٍ (وَنِصْفُهُ لِلْفُقَرَاءِ) لِأَنَّهُ قَابَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، فَاسْتَوَيَا فِي قَدْرِ اسْتِحْقَاقٍ كَمَا فِي قَوْلِهِ: لِزَيْدٍ وَعَمْرِو وَلَوْ قَالَ: لِزَيْدٍ وَالْفُقَرَاءِ وَالْعُلَمَاءِ فَلِزَيْدٍ الثُّلُثُ وَلَهُمَا الثُّلُثَانِ لِذَلِكَ.
(وَلَوْ كَانَ زَيْدٌ فَقِيرًا لَمْ يَسْتَحِقَّ مَنْ نَصِيبِ الْفُقَرَاءِ شَيْئًا) لِاقْتِضَاءِ الْعَطْفِ الْمُغَايِرَةَ وَكَذَا لَوْ وَصَّى لِزَيْدٍ وَجِيرَانِهِ بِشَيْءٍ لَمْ يُشَارِكْهُمْ زَيْدٌ بِكَوْنِهِ جَارًا.
وَلَوْ وَصَّى لِقَرَابَتِهِ وَالْفُقَرَاءِ فَلِقَرِيبٍ فَقِيرٍ سَهْمَانِ ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي لِأَنَّ الْمُرَاعَى فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَصْفُهُ فَجَازَ تَعَدُّدُ اسْتِحْقَاقِهِ بِتَعَدُّدِ وَصْفِهِ.
(وَإِنْ وَصَّى بِهِ) أَيْ: بِالثُّلُثِ (لِزَيْدٍ وَلِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَلَهُ أَيْ: زَيْدٍ تُسْعٌ فَقَطْ وَالْبَاقِي لَهُمَا) أَيْ: الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ (وَلَا يَسْتَحِقُّ مَعَهُمْ بِالْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ) شَيْئًا لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَوْ وَصَّى بِمَالِهِ لِابْنَيْهِ وَأَجْنَبِيٍّ) وَلَا وَارِثَ غَيْرَ ابْنَيْهِ (فَرَدَّا وَصِيَّتَهُ لَهُ) أَيْ: الْأَجْنَبِيِّ (التُّسُعَ) لِأَنَّهُ بِالرَّدِّ رَجَعَتْ الْوَصِيَّةُ إلَى الثُّلُثِ وَالْمُوصَى لَهُ ابْنَانِ وَأَجْنَبِيٍّ فَيَكُونُ لِلْأَجْنَبِيِّ التُّسُعُ لِأَنَّهُ ثُلُثُ الثُّلُثِ.
(وَلَوْ وَصَّى بِدَفْنِ كُتُبِ الْعِلْمِ لَمْ تُدْفَنْ) قَالَهُ أَحْمَدُ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْغَرَضَ نَشْرُ الْعِلْمِ لَا إخْفَاؤُهُ.
(وَلَوْ وَصَّى بِإِحْرَاقِ ثُلُثِ مَالِهِ صَحَّ وَصُرِفَ فِي تَجْهِيزِ الْكَعْبَةِ وَتَنْوِيرِ الْمَسَاجِدِ وَلَوْ وَصَّى بِجَعْلِ ثُلُثِهِ فِي التُّرَابِ فِي تَكْفِينِ الْمَوْتَى) ، وَلَوْ وَصَّى (بِجَعْلِهِ) أَيْ: الثُّلُثِ (فِي الْمَاءِ صُرِفَ فِي عَمَلِ سُفُنِ الْجِهَادِ) مُحَافَظَةً عَلَى تَصْحِيحِ كَلَامِ الْمُكَلِّفِ مَهْمَا أَمْكَنَ وَإِنْ أَوْصَى بِجَعْلِهِ فِي الْهَوَاءِ قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ يَتَوَجَّهُ أَنْ يُعْمَلَ بِهِ بادهنج لِمَسْجِدٍ يَنْتَفِعُ بِهِ