وَلِأَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ بِدَلِيلِ الزَّكَاةِ وَالْوَقْفِ (وَيُعْطُونَ بِأَجْمَعِهِمْ) بِخِلَافِ الزَّكَاةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا حَيْثُ يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ فِي الزَّكَاةِ عَلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ أَنَّ آيَةَ الزَّكَاةِ أُرِيدَ بِهَا بَيَانُ مَنْ يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَيْهِ وَالْوَصِيَّةُ أُرِيدَ بِهَا مَنْ يَجِبُ الدَّفْعُ إلَيْهِ قَالَ فِي الْمُغْنِي ".
(وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْطِي كُلَّ صِنْفٍ) حَيْثُ أَوْصَى لِجَمِيعِهِمْ (ثُمُنَ الْوَصِيَّةِ كَمَا لَوْ وَصَّى لِثَمَانِ قَبَائِلَ وَيَكْفِي مِنْ كُلِّ صِنْفٍ) شَخْصٌ (وَاحِدٌ) لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيعَابِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِثَلَاثَةٍ عُيِّنُوا حَيْثُ تَجِبُ التَّسْوِيَةُ لِإِضَافَةِ الِاسْتِحْقَاقِ إلَى أَعْيَانِهِمْ (وَيُسْتَحَبُّ إعْطَاءُ مَنْ أَمْكَنَ مِنْهُمْ) وَالدَّفْعُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ.
(وَتَقْدِيمُ أَقَارِبِ الْمُوصِي) لِمَا فِيهِ مِنْ الصِّلَةِ (وَلَا يُعْطِي إلَّا الْمُسْتَحِقَّ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ) أَيْ: الْمُوصِي كَالزَّكَاةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالْبَلَدِ فَقِيرٌ تَقَيَّدَ بِالْأَقْرَبِ إلَيْهِ (وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ) بَيْنَهُمْ فَيَجُوزُ التَّفْضِيلُ كَمَا لَا يَجِبُ التَّعْمِيمُ (وَيُعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْقَدْرَ الَّذِي يُعْطَاهُ مِنْ الزَّكَاةِ) عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ.
(وَإِنْ وَصَّى لِلْفُقَرَاءِ دَخَلَ فِيهِ الْمَسَاكِينُ وَكَذَا الْعَكْسُ) فَإِذَا أَوْصَى لِلْمَسَاكِينِ دَخَلَ فِيهِ الْفُقَرَاءُ لِأَنَّهُمْ كَنَوْعٍ وَاحِدٍ فِيمَا عَدَا الزَّكَاةَ لِوُقُوعِ كُلٍّ مِنْ الِاسْمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ (إلَّا أَنْ يَذْكُرَ الصِّنْفَيْنِ جَمِيعًا) فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ (وَيُسْتَحَبُّ تَعْمِيمُ مَنْ أَمْكَنَ مِنْهُمْ، وَ) يُسْتَحَبُّ (الدَّفْعُ إلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ، وَالْبُدَاءَةُ بِأَقَارِبِ الْمُوصِي كَمَا تَقَدَّمَ) .
وَالْوَصِيَّةُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْمَشْهُورُ عَنْهُ اخْتِصَاصُهَا بِالْغَزْوِ وَعَنْهُ دُخُولُ الْحَجِّ فِي ذَلِكَ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ.
(وَإِنْ وَصَّى لِكَتْبِ الْقُرْآنِ أَوْ) كَتْبِ (الْعِلْمِ) النَّافِعِ (صَحَّ) لِأَنَّهُ جِهَةُ قُرْبَةٍ.
(وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (لِمَسْجِدٍ وَتُصْرَفُ فِي مَصَالِحِهِ) وَكَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ لِقَنْطَرَةٍ وَسِقَايَةٍ وَنَحْوِهَا لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ.
(وَإِنْ وَصَّى بِشِرَاءِ عَيْنٍ) كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ (وَأَطْلَقَ أَوْ) وَصَّى بِ (بَيْعِ عَبْدِهِ وَأَطْلَقَ) فَلَمْ يَقُلْ لِزَيْدٍ وَنَحْوِهِ وَلَا بِشَرْطِ عِتْقٍ (فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ) لِخُلُوِّهَا عَنْ قُرْبَةٍ (فَإِنْ وَصَّى بِبَيْعِهِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ) لِأَنَّ عِتْقَهُ قُرْبَةٌ (وَبَيْعٌ كَذَلِكَ) أَيْ: بِشَرْطِ الْعِتْقِ (فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِيه كَذَلِكَ بَطَلَتْ) الْوَصِيَّةُ لِتَعَذُّرِ الْوَفَاءِ بِهَا.
(وَإِنْ وَصَّى بِبَيْعِهِ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ بِيعَ بِهِ) أَيْ: بِالثَّمَنِ الَّذِي عَيَّنَهُ لِذَلِكَ الرَّجُلِ لِأَنَّهُ يَقْصِدُ الرِّفْقَ إمَّا بِالْعَبْدِ لِحُسْنِ مُعَاشَرَةِ الرَّجُلِ، أَوْ بِالرَّجُلِ لِنَفْعِ الْعَبْدِ لَهُ.
(وَإِنْ) وَصَّى بِبَيْعِهِ لِرَجُلٍ مُعَيَّنٍ، وَ (لَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا بِيعَ) لَهُ (بِقِيمَتِهِ) لِأَنَّهُ الْعَدْلُ (فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُهُ لِلرَّجُلِ) لِمَانِعٍ مَا (أَوْ أَبَى) الرَّجُلُ (أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِالثَّمَنِ) الْمُعَيَّنِ (أَوْ بِقِيمَتِهِ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ) الْمُوصِي (الثَّمَنَ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ) لِتَعَذُّرِ الْوَفَاءِ.
(وَإِنْ وَصَّى فِي أَبْوَاب الْبِرِّ صُرِفَ فِي الْقُرَبِ كُلِّهَا وَيُبْدَأُ بِالْغَزْوِ)