يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِي الْعَطِيَّةِ) بَعْدَ الْقَبْضِ لِأَنَّهَا لَازِمَةٌ فِي حَقِّ الْمُعْطَى، وَلَوْ كَثُرَتْ وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ التَّبَرُّعِ بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ (بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ) فَإِنَّهُ يَمْلِكُ الرُّجُوعَ فِيهَا، لِأَنَّ التَّبَرُّعَ فِيهَا مَشْرُوطٌ بِالْمَوْتِ فَقَبْلَ الْمَوْتِ لَمْ يُوجَدْ فَهِيَ كَالْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبُولِ.
(الثَّالِثُ: يُعْتَبَرُ قَبُولُهُ لِلْعَطِيَّةِ عِنْدَ وُجُودِهَا) لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ فِي الْحَالِ (وَالْوَصِيَّةُ بِخِلَافِهِ) فَإِنَّهَا تَمْلِيكٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَاعْتُبِرَ عِنْدَ وُجُودِهِ.
(الرَّابِعُ: أَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ فِي الْعَطِيَّةِ مِنْ حِينِهَا) بِشُرُوطِهَا لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ هِبَةً فَمُقْتَضَاهَا تَمْلِيكُهُ الْمَوْهُوبَ فِي الْحَالِ كَعَطِيَّةِ الصِّحَّةِ وَكَذَا إنْ كَانَتْ مُحَابَاةً أَوْ إعْتَاقًا.
(وَيَكُونُ) الْمِلْكُ (مُرَاعًى) لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ هَلْ هُوَ مَرَضُ الْمَوْتِ أَمْ لَا؟ وَلَا نَعْلَمُ هَلْ يَسْتَفِيدُ مَالًا أَوْ يَتْلَفُ شَيْءٌ مِنْ مَالِهِ؟ فَتَوَقَّفْنَا لِنَعْلَمَ عَاقِبَةَ أَمْرِهِ لِنَعْمَلَ بِهَا قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: ذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ يَقْبِضُ الْهِبَةَ وَيَتَصَرَّفُ فِيهَا مَعَ كَوْنِهَا مَوْقُوفَةً عَلَى الْإِجَازَةِ وَهَذَا ضَعِيفٌ.
وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ تَسْلِيمَ الْمَوْهُوبِ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ يَذْهَبُ حَيْثُ يَشَاءُ، وَإِرْسَالُ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ وَإِرْسَالُ الْمُحَابَى لَا يَجُوزُ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُوقَفُ أَمْرُ التَّبَرُّعَاتِ عَلَى وَجْهٍ يَتَمَكَّنُ الْوَارِثُ مِنْ رَدِّهَا بَعْدَ الْمَوْتِ إذَا شَاءَ (فَإِذَا خَرَجَتْ) الْعَطِيَّةُ (مِنْ ثُلُثِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ) أَيْ: الْمِلْكَ (كَانَ ثَابِتًا مِنْ حِينِهِ) أَيْ: الْإِعْطَاءِ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ ثُبُوتِهِ كَوْنُهُ زَائِدًا عَلَى الثُّلُثِ وَقَدْ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ.
(فَلَوْ أَعْتَقَ) رَقِيقًا فِي مَرَضِهِ (أَوْ وَهَبَ رَقِيقًا) لِغَيْرِ وَارِثِهِ (فِي مَرَضِهِ فَكَسَبَ) الرَّقِيقُ (ثُمَّ مَاتَ سَيِّدُهُ فَخَرَجَ) الرَّقِيقُ (مِنْ الثُّلُثِ كَانَ كَسْبُهُ لَهُ إنْ كَانَ مُعْتَقًا) لِأَنَّا تَبَيَّنَّا حُرِّيَّتَهُ مِنْ حِينِ الْعِتْقِ.
(وَ) كَانَ كَسْبُ الرَّقِيقِ (لِلْمَوْهُوبِ لَهُ إنْ كَانَ مَوْهُوبًا) لِأَنَّ الْكَسْبَ تَابِعٌ لِمِلْكِ الرَّقَبَةِ (وَإِنْ خَرَجَ بَعْضُهُ) مِنْ الثُّلُثِ (فَلَهُمَا) أَيْ: الْمُعْتَقِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ (مِنْ كَسْبِهِ بِقَدْرِهِ) أَيْ: بِقَدْرِ ذَلِكَ الْبَعْضِ الْخَارِجِ مِنْ الثُّلُثِ (فَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا لَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ فَكَسَبَ) الْعَبْدُ (مِثْلَ قِيمَتِهِ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَهُ مِنْ كَسْبِهِ شَيْءٌ) لِأَنَّ الْكَسْبَ يَتْبَعُ مَا تَنْفُذُ فِيهِ الْعَطِيَّةُ دُونَ غَيْرِهِ فَيَلْزَمُ الدَّوْرُ لِأَنَّ لِلْعَبْدِ مِنْ كَسْبِهِ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ وَبَاقِيه لِسَيِّدِهِ، ثُمَّ التَّرِكَةُ اتَّسَعَتْ بِحِصَّةِ الرِّقِّ لِأَنَّ حِصَّةَ الْعِتْقِ مِلْكٌ لِلْعَبْدِ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ فَلَا تَدْخُلُ فِي التَّرِكَةِ.
وَإِذَا اتَّسَعَتْ التَّرِكَةُ اتَّسَعَتْ الْحُرِّيَّةُ فَتَزِيدُ حِصَّتُهَا مِنْ الْكَسْبِ وَمِنْ ضَرُورَةِ هَذَا نُقْصَانُ حِصَّةِ التَّرِكَةِ مِنْ الْكَسْبِ فَتَنْقُصُ الْحُرِّيَّةُ فَتَزِيدُ التَّرِكَةُ فَتَزِيدُ الْحُرِّيَّةُ فَتَدُورُ زِيَادَتُهُ عَلَى زِيَادَتِهِ وَنُقْصَانِهِ وَلِاسْتِخْرَاجِ الْمَقْصُودِ وَانْفِكَاكِ الدَّوْرِ طُرُقٌ حِسَابِيَّةٌ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا عَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ فَتَقُولُ عَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ شَيْءٌ وَلَهُ مِنْ كَسْبِهِ شَيْءٌ (وَلِوَرَثَةِ سَيِّدِهِ شَيْئَانِ