حَقِّ وَرَثَتِهِ لَا تَتَجَاوَزُ الثُّلُثَ كَالْوَصِيَّةِ (إلَّا الْكِتَابَةُ) لِرَقِيقِهِ أَوْ بَعْضِهِ بِمُحَابَاةٍ (فَلَوْ حَابَاهُ) سَيِّدُهُ الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ (فِيهَا) أَيْ: الْكِتَابَةِ (جَازَ وَتَكُونُ) الْمُحَابَاةُ حِينَئِذٍ (مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ فِي الْإِنْصَافِ وَالتَّنْقِيحِ وَالْمُنْتَهَى، لَكِنَّ كَلَامَ الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَارِثِيِّ وَغَيْرِهِمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي يَصِحُّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ هُوَ الْكِتَابَةُ نَفْسُهَا لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ كَالْبَيْعِ مِنْ الْغَيْرِ.
قَالَ الْحَارِثِيُّ: ثُمَّ إنْ وُجِدَتْ مُحَابَاةٌ فَالْمُحَابَاةُ مِنْ الثُّلُثِ وَقَدْ نَاقَشَ شَارِحُ الْمُنْتَهَى صَاحِبَ الْإِنْصَافِ وَعَارَضَهُ بِكَلَامِ الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَذَكَرَا أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى كَلَامِ الْحَارِثِيِّ وَقَدْ ذَكَرَتْهُ لَكَ، فَوَقَعَ الِاشْتِبَاهُ عَلَى صَاحِبِ الْإِنْصَافِ وَالتَّنْقِيحِ وَتَبِعَهُ مَنْ تَبِعَهُ وَالْحَقُّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ (وَكَذَا لَوْ وَصَّى بِكِتَابَةٍ بِمُحَابَاةٍ) فَتَكُونُ الْمُحَابَاةُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ (وَإِطْلَاقُهَا يَكُونُ بِقِيمَتِهِ) أَيْ: لَوْ وَصَّى السَّيِّدُ أَنْ يُكَاتَبَ عَبْدُهُ وَأَطْلَقَ بِأَنْ لَمْ يَقُلْ عَلَى كَذَا كُوتِبَ عَلَى قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ الْعَدْلُ.
(وَفَرَّعَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ عَلَى الْعِتْقِ فَقَالَ وَيَنْفُذُ الْعِتْقُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فِي الْحَالِ وَيُعْتَبَرُ خُرُوجُهُ) أَيْ: الْعَتِيقِ (مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا حِينَ الْعِتْقِ فَلَوْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ) الْمَخُوفِ (أَمَةً تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ حَالَ الْعِتْقِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا) لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا تَخْرُجَ مِنْ الثُّلُثِ عِنْدَ الْمَوْتِ فَلَا تَعْتِقُ كُلُّهَا (إلَّا أَنْ يَصِحَّ) الْمَرِيضُ (مِنْ مَرَضِهِ) فَيَصِحُّ تَزَوُّجُهَا لِنُفُوذِ الْعِتْقِ قَطْعًا.
(وَإِنْ وَهَبَهَا) أَيْ: وَهَبَ الْمَرِيضُ أَمَةً (حَرُمَ عَلَى الْمُتَّهَبِ وَطْؤُهَا حَتَّى يَبْرَأَ الْوَاهِبُ أَوْ يَمُوتَ) فَيَتَبَيَّنُ أَنَّهَا خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ يَجُوزُ لِلْمُتَّهَبِ وَطْؤُهَا أَيْ: قَبْلَ الْبُرْءِ وَالْمَوْتِ وَاسْتَبْعَدَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ، فَكَيْفَ يَجُوزُ قَبْلَهَا؟ وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ فِي الظَّاهِرِ مِلْكُهُ بِالْقَبْضِ وَمَوْتُ الْوَاهِبِ وَانْتِقَالُ الْحَقِّ إلَى وَرَثَتِهِ مَظْنُونٌ، فَلَا يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ قَالَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْخَمْسِينَ.
(وَالِاسْتِيلَادُ فِي الْمَرَضِ) الْمَخُوفِ (لَا يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِهْلَاكِ فِي مُهُورِ الْأَنْكِحَةِ وَطَيِّبَاتِ الْأَطْعِمَةِ وَنَفَائِسِ الثِّيَابِ وَالتَّدَاوِي وَدَفْعِ الْحَاجَاتِ وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ بِهِ) أَيْ: بِالِاسْتِيلَادِ وَنَحْوِهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إنْشَائِهِ.
(وَلَوْ وَهَبَ فِي الصِّحَّةِ وَأَقْبَضَ فِي الْمَرَضِ) لِغَيْرِ وَارِثٍ (فَ) مَا وَهَبَهُ يُعْتَبَرُ (مِنْ الثُّلُثِ) اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ وَقْتُ لُزُومِهَا.
(فَأَمَّا الْأَمْرَاضُ الْمُمْتَدَّةُ كَالسِّلِّ) فِي غَيْرِ حَالِ انْتِهَائِهِ (وَالْجُذَامِ وَحُمَّى الرُّبُعِ) وَهِيَ الَّتِي تَأْخُذُ يَوْمًا وَتَذْهَبُ يَوْمَيْنِ وَتَعُودُ فِي الرَّابِعِ (وَالْفَالِجِ فِي دَوَامِهِ فَإِنْ صَارَ صَاحِبُهَا صَاحِبَ فِرَاشٍ فَهِيَ مَخُوفَةٌ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَصِرْ صَاحِبُهَا صَاحِبَ فِرَاشٍ (فَعَطَايَاهُ كَصَحِيحٍ وَالْهَرِمُ إنْ صَارَ صَاحِبَ فِرَاشٍ