أَيْ: الدَّيْنَ.
(وَعَلِمَهُ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ وَكَتَمَهُ) الْمَدِينُ عَنْ رَبِّ الدَّيْنِ (خَوْفًا مِنْ أَنَّهُ) أَيْ: رَبَّ الدَّيْنِ (لَوْ عَلِمَهُ) أَيْ: الدَّيْنَ (لَمْ يُبْرِئْهُ) أَيْ: رَبُّ الدَّيْنِ مِنْهُ (لَمْ تَصِحَّ الْبَرَاءَةُ) لِأَنَّ فِيهِ تَغْرِيرًا لِلْمُبْرِئِ وَقَدْ أَمْكَنَ التَّحَرُّزُ مِنْهُ (وَإِنْ أَبْرَأهُ) أَيْ: أَبْرَأَ رَبُّ الدَّيْنِ مَدِينًا (مِنْ دِرْهَمٍ إلَى أَلْفٍ صَحَّ) الْإِبْرَاءُ (فِيهِ) أَيْ: الْأَلْفِ.
(وَفِيمَا دُونَهُ) أَيْ: دُونَ الْأَلْفِ.
(وَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْ الدَّيْنِ قَبْلَ وُجُوبِهِ) لِقَوْلِهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا طَلَاقَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا عِتْقَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ» وَالْإِبْرَاءُ فِي مَعْنَاهُمَا.
(وَمِنْ صُوَرِ الْإِبْرَاءِ مِنْ الْمَجْهُولِ) لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى إنْسَانٍ دَيْنَانِ، وَ (أَبْرَأَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا) لَا بِعَيْنِهِ (أَوْ) كَانَ لَهُ دَيْنَانِ عَلَى شَخْصَيْنِ، وَ (أَبْرَأَ أَحَدَهُمَا) لَا بِعَيْنِهِ (وَيُؤْخَذُ) أَيْ: يُرْجَعُ إلَى الْمُبْرِئِ (بِالْبَيَانِ) قَالَهُ الْحَلْوَانِيُّ وَالْحَارِثِيُّ قَالَ فِي التَّنْقِيحِ (وَ) الْمَذْهَبُ (لَا يَصِحُّ) الْإِبْرَاءِ (مَعَ إبْهَامِ الْمَحَلِّ، كَأَبْرَأْتُ أَحَدَ غَرِيمَيَّ) أَوْ مِنْ أَحَدِ دَيْنَيَّ، كَمَا لَوْ قَالَ: وَهَبْتُكَ أَحَدَ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ، أَوْ ضَمِنْتُ لَكَ أَحَدَ الدَّيْنَيْنِ.
(وَلَا تَصِحُّ هِبَةُ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْهِبَةَ تَقْتَضِي وُجُودَ مُعَيَّنٍ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا (وَتَقَدَّمَ آخِرَ السَّلَمِ) .
(وَتَصِحُّ هِبَةُ الْمُشَاعِ مِنْ شَرِيكِهِ وَمِنْ غَيْرِهِ مَنْقُولًا كَانَ) كَجُزْءٍ مِنْ نَحْوِ فَرَسٍ (أَوْ غَيْرِهِ) كَجُزْءٍ مِنْ عَقَارٍ (يَنْقَسِمُ) كَالثَّوْبِ (أَوْ لَا) كَالْعَبْدِ لِمَا فِي الصَّحِيحِ «أَنَّ وَفْدَ هَوَازِنَ لَمَّا جَاءُوا يَطْلُبُونَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ مَا غَنِمَ مِنْهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ» .
(وَإِنْ وَهَبَ) أَرْضًا (أَوْ تَصَدَّقَ) بِأَرْضٍ (أَوْ وَقَفَ) أَرْضًا (أَوْ وَصَّى بِأَرْضٍ) يَعْنِي بِجُزْءٍ مِنْهَا (أَوْ بَاعَهَا احْتَاجَ أَنْ يَحُدَّهَا مَالِكُهَا) بِأَنْ يَقُولَ كَذَا سَهْمًا مِنْ كَذَا سَهْمًا لِقَوْلِهِ فِي رِوَايَة صَالِحٍ: وَسَأَلَهُ عَنْ رَجُلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ بَيْتٌ مُشَاعٌ غَيْرُ مَقْسُومٍ فَتَصَدَّقَ أَحَدُهُمْ عَلَى بَعْضِهِمْ بِحِصَّتِهِ مُشَاعًا غَيْرَ مَقْسُومٍ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ قَالَ إذَا كَانَ سَهْمٌ مِنْ كَذَا وَكَذَا سَهْمًا فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ قَالَ ثُلُثُهَا أَوْ نَحْوُهُ صَحَّ قَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَسُئِلَ عَمَّنْ يَهَبُ لِرَجُلٍ رُبُعَ دَارِهِ قَالَ: هُوَ جَائِزٌ وَأَيْضًا قِيلَ لَهُ: وَهَبْتُ مِنْكَ نَصِيبِي مِنْ الدَّارِ قَالَ إنْ كَانَ يَعْلَمُ كَمْ نَصِيبَهُ فَهُوَ جَائِزٌ.
(وَيُعْتَبَرُ لِقَبْضِهِ) أَيْ: الْمُشَاعِ إنْ كَانَ مَنْقُولًا (إذْنُ الشَّرِيكِ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ قَبْضُهُ إلَّا بِقَبْضِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِجَوَازِ الْقَبْضِ لَا لِلُزُومِ الْهِبَةِ فَتَلْزَمُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ شَرِيكُهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ (وَتَقَدَّمَ آخِرَ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ) مُفَصَّلًا.
(وَيَكُونُ نِصْفُهُ) أَيْ: الْقَابِضِ (مَقْبُوضًا تَمَلُّكًا وَنِصْفُ الشَّرِيكِ) مَقْبُوضًا (أَمَانَةً) هَذَا إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ فِي نِصْفِهِ وَلَوْ عَبَّرَ بِنَصِيبِهِ لَكَانَ أَوْضَحَ فَإِنْ أَبَى