يَصْدُرْ إلَيْهِ مَا يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ وَالظَّاهِرُ تَفْوِيضُ الْأَمْرِ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ.
(وَإِنْ كَانَ الشَّيْءُ يَسِيرًا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِتَفْرِيقِهِ اخْتَصَّ هُوَ بِهِ) لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ صَدَرَ إلَيْهِ وَلَا قَرِينَةَ تُصْرَفُ عَنْهُ (ذَكَرَهُ الْحَارِثِيُّ) .
(وَالْهِبَةُ مِنْ الصَّبِيِّ لِغَيْرِهِ بَاطِلَةٌ) لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ (وَلَوْ أَذِنَ فِيهَا الْوَلِيُّ) لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ (وَكَذَا السَّفِيهُ) لَا تَصِحُّ هِبَتُهُ وَلَوْ أَذِنَ فِيهَا وَلِيُّهُ.
(وَتَجُوزُ) الْهِبَةُ (مِنْ الْعَبْدِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ لِحَقِّ سَيِّدِهِ فَإِذَا إذْنُهُ انْفَكَّ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ وَنَحْوِهِ (وَلَهُ) أَيْ: الْعَبْدِ (أَنْ يَقْبَلَ الْهِبَةَ وَالْهَدِيَّةَ بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ: سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ تَحْصِيلُ مَنْفَعَةٍ كَالِاحْتِشَاشِ وَالِاصْطِيَادِ وَتَكُونُ لِسَيِّدِهِ إلَّا الْمُكَاتَبُ.
(وَإِنْ مَاتَ وَاهِبٌ قَبْلَ إقْبَاضٍ وَرُجُوعٍ) لَمْ تَبْطُلْ الْهِبَةُ لِأَنَّهُ عَقْدٌ مَآلُهُ إلَى اللُّزُومِ، فَلَمْ يَنْفَسِخْ بِالْمَوْتِ كَالْبَيْعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَ (قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِي إذْنٍ) فِي قَبْضٍ (وَ) فِي (رُجُوعٍ) فِي الْهِبَةِ.
(وَتَبْطُلُ) الْهِبَةُ (بِمَوْتِ مُتَّهَبٍ قَبْلَ الْقَبْضِ) لِقِيَامِ قَبْضِهِ مَقَامَ الْقَبُولِ أَشْبَهَ مَا لَوْ مَاتَ مَنْ أَوْجَبَ الْبَيْعَ وَنَحْوَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ قَالَ الْحَارِثِيُّ وَهُوَ مُشْكِلٌ وَقَدَّمَ أَنَّهُ كَمَوْتِ الْوَاهِبِ.
(وَلَوْ وَهَبَ) إنْسَانٌ (لِغَائِبٍ هِبَةً وَأَنْفَذَهَا) الْوَاهِبُ (مَعَ رَسُولِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ) مَعَ (وَكِيلِهِ ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ أَوْ) مَاتَ (الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلَ وُصُولِهَا) إلَيْهِ (لَزِمَ حُكْمُهَا وَكَانَتْ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ لِأَنَّ قَبْضَهُمَا) أَيْ: قَبْضَ رَسُولِهِ وَوَكِيلِهِ (كَقَبْضِهِ) فَيَكُونُ الْمَوْتُ بَعْدَ لُزُومِهَا بِالْقَبْضِ فَلَا يُؤَثِّرُ.
(وَإِنْ أَنْفَذَهَا الْوَاهِبُ مَعَ رَسُولِهِ نَفْسِهِ ثُمَّ مَاتَ) الْوَاهِبُ (قَبْلَ وُصُولِهَا إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، أَوْ مَاتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بَطَلَتْ) الْهِبَةُ.
(وَكَانَتْ لِلْوَاهِبِ أَوْ وَرَثَتِهِ لِعَدَمِ الْقَبْضِ) لِحَدِيثِ أُمِّ كُلْثُومِ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَتْ: «لَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَّ سَلَمَةَ قَالَ: لَهَا إنِّي قَدْ أَهْدَيْتُ إلَى النَّجَاشِيِّ حُلَّةً وَأَوَاقِيَ مِسْكٍ، وَلَا أَرَى النَّجَاشِيَّ إلَّا قَدْ مَاتَ، وَلَا أَرَى هَدِيَّتِي إلَّا مَرْدُودَةً عَلَيَّ فَإِنْ رُدَّتْ فَهُوَ لَكَ قَالَتْ فَكَانَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرُدَّتْ عَلَيْهِ هَدِيَّتُهُ فَأَعْطَى كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ أُوقِيَّةً مِنْ مِسْكٍ، وَأَعْطَى أُمَّ سَلَمَةَ بَقِيَّةَ الْمِسْكِ وَالْحُلَّةَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَبُطْلَانُ الْهِبَةِ إذَا مَاتَ الْوَاهِبُ بَعْدَ بَعْثِ رَسُولِهِ بِالْهَدِيَّةِ لِعَدَمِ الْقَبُولِ كَمَا يَأْتِي بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ (وَلَيْسَ لِلرَّسُولِ حَمْلُهَا) أَيْ: الْهِبَةِ (بَعْدَ مَوْتِ الْوَاهِبِ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ) لَهُ (الْوَارِثُ) لِأَنَّ الْحَقَّ صَارَ إلَيْهِ.
(وَكَذَا حُكْمُ هَدِيَّةٍ) وَصَدَقَةٍ لِأَنَّهُمَا نَوْعَانِ مِنْ الْهِبَةِ (وَإِنْ مَاتَ الْمُتَّهَبُ أَوْ الْوَاهِبُ قَبْلَ الْقَبُولِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ، وَكَذَا لَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي فِي النِّكَاحِ.