فِيهِ تَحْصِيلًا لِلْعِلْمِ بِذَلِكَ.
(وَ) يُسَنُّ لِلْمُلْتَقِطِ أَيْضًا (إشْهَادُ عَدْلَيْنِ عَلَيْهَا) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ ذَوَيْ عَدْلٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَ (لَا) يُسَنُّ الْإِشْهَادُ " (عَلَى صِفَتِهَا " أَيْ: اللُّقَطَةِ لِاحْتِمَالِ شُيُوعِهِ فَيَعْتَمِدُهُ الْمُدَّعِي الْكَاذِبُ قَالَ فِي الشَّرْحِ، وَالْمُبْدِعِ) ، وَيُسْتَحَبُّ كَتْبُ صِفَاتِهَا لِيَكُونَ أَثْبَتَ لَهَا مَخَافَةَ نِسْيَانِهَا.
(فَمَتَى جَاءَ طَالِبُهَا) وَلَوْ بَعْدَ الْحَوْلِ (فَوَصَفَهَا) بِالصِّفَاتِ السَّابِقَةِ (لَزِمَ دَفْعُهَا إلَيْهِ إنْ كَانَتْ عِنْدَهُ، وَلَوْ بِلَا بَيِّنَةٍ، وَلَا يَمِينٍ ظَنَّ صِدْقَهُ أَوْ لَا) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ فَأَدِّهَا إلَيْهِ» ؛ وَلِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا غَالِبًا لِسُقُوطِهَا حَالَ الْغَفْلَةِ، وَالسَّهْوِ، فَلَوْ لَمْ يَجِبْ دَفْعُهَا بِالصِّفَةِ لِمَا جَازَ الْتِقَاطُهَا.
(فَإِنْ وَجَدَهَا) طَالِبُهَا (قَدْ خَرَجَتْ عَنْ) مِلْكِ (الْمُلْتَقِطِ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ) بِأَنْ بَاعَهَا الْمُلْتَقِطُ أَوْ وَهَبَهَا أَوْ وَقَفَهَا (بَعْدَ مِلْكِهَا) أَيْ: بَعْدَ أَنْ عَرَّفَهَا حَوْلًا كَامِلًا (فَلَا رُجُوعَ) لِطَالِبِهَا فِي عَيْنِهَا؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمُلْتَقِطِ وَقَعَ صَحِيحًا لِدُخُولِهَا فِي مِلْكِهِ (وَلَهُ) أَيْ: لِطَالِبِهَا (بَدَلُهَا) عَلَى الْمُلْتَقِطِ أَيْ: مِثْلُهَا إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً، وَإِلَّا فَقِيمَتُهَا لِتَعَذُّرِ رَدِّهَا لِمَا تَقَدَّمَ.
(فَإِنْ أَدْرَكَهَا) طَالِبُهَا (مَبِيعَةً بَيْعَ الْخِيَارِ) بِأَنْ يَبْعَثَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ (لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا) أَيْ: الْبَائِعِ، وَالْمُشْتَرِي، وَقَوْلُهُ (فِي زَمَنِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِإِدْرَاكِهَا أَيْ: زَمَنَ الْخِيَارِ (وَجَبَ) عَلَى الْبَائِعِ (الْفَسْخُ) لِيَرُدَّهَا لِرَبِّهَا لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ زَمَنَ خِيَارٍ، وَتُرَدُّ لَهُ، وَعَلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ فَلَيْسَ لِرَبِّهَا إلَّا الْبَدَلُ مَا لَمْ يَخْتَرْ الْمُشْتَرِي الْفَسْخَ وَلَا يَلْزَمُهُ.
(أَوْ) أَدْرَكَهَا رَبُّهَا بَعْدَ الْحَوْلِ (مَرْهُونَةً) وَلَوْ مَقْبُوضَةً (فَلَهُ انْتِزَاعُهَا) مِنْ الْمُرْتَهِنِ أَوْ نَائِبِهِ لِقِيَامِ مِلْكِهِ، وَانْتِفَاءِ إذْنِهِ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ وَقَالَ فِي الْإِنْصَافِ قُلْتُ: يَتَوَجَّهُ عَدَمُ الِانْتِزَاعِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي الشَّرْحِ: وَسَائِرُ أَحْكَامِ الرُّجُوعِ هَهُنَا كَحُكْمِ رُجُوعِ الزَّوْجِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ.
(فَإِنْ صَادَفَهَا رَبُّهَا قَدْ رَجَعَتْ إلَيْهِ) أَيْ: الْمُلْتَقِطِ بَعْدَ خُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ (بِفَسْخٍ أَوْ غَيْرِهِ أَخَذَهَا) ؛ لِأَنَّهُ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ فَكَانَ لَهُ أَخْذُهَا كَالزَّوْجِ إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَوَجَدَ الصَّدَاقَ قَدْ رَجَعَ إلَى الْمَرْأَةِ، وَحَيْثُ أَخَذَ اللُّقَطَةَ طَالِبُهَا فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا (بِنَمَائِهَا الْمُتَّصِلِ) ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُ مَالِكِهَا وَلَا يُمْكِنُ انْفِصَالُهَا عَنْهُ؛ وَلِأَنَّهُ يَتْبَعُ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ.
(فَأَمَّا) النَّمَاءُ (الْمُنْفَصِلُ قَبْلَ مُضِيِّ الْحَوْلِ فَ) هُوَ (لِمَالِكِهَا) ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ.
(وَ) النَّمَاءُ الْمُنْفَصِلُ (بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ حَوْلِ التَّعْرِيفِ (لِوَاجِدِهَا) ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ اللُّقَطَةَ بِمُضِيِّ الْحَوْل فَنَمَاؤُهَا إذَنْ نَمَاءُ مِلْكِهِ؛ وَلِأَنَّهُ يَضْمَنُ النَّقْصَ بَعْدَ الْحَوْلِ فَتَكُونُ لَهُ الزِّيَادَةُ لِيَكُونَ الْخَرَاجُ