الْكُبْرَى وَحَوَاشِي صَاحِبِ الْفُرُوعِ عَلَى الْمُقْنِعِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَهُوَ الصَّوَابُ قَالَهُ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي هُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(وَلَا يَطْهُرُ دُهْنٌ) تَنَجَّسَ (بِغَسْلِهِ) لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ وُصُولُ الْمَاءِ إلَى جَمِيعِ أَجْزَائِهِ، وَلَوْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ لَمْ يَأْمُرْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِرَاقَةِ السَّمْنِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْفَأْرَةُ.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ مِنْهَا مَا يَتَأَتَّى غَسْلُهُ كَزَيْتٍ وَنَحْوِهِ وَكَيْفِيَّةُ تَطْهِيرِهِ: أَنْ يُجْعَلَ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ وَيُحَرَّكَ، حَتَّى يُصِيبَ جَمِيعَ أَجْزَائِهِ، ثُمَّ يُتْرَكَ حَتَّى يَعْلُوَ عَلَى الْمَاءِ، فَيُؤْخَذَ.
وَإِنْ تَرَكَهُ فِي جَرَّةٍ وَصَبَّ عَلَيْهِ مَاءً وَحَرَّكَهُ فِيهِ، وَجَعَلَ لَهَا بِزَالًا، يَخْرُج مِنْهُ الْمَاءُ جَازَ (وَلَا) يَطْهُرُ (بَاطِنُ حُبٍّ) تَشَرَّبَ النَّجَاسَةَ.
(وَ) لَا (عَجِينٌ) تَنَجَّسَ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ غَسْلُهُ (وَ) لَا (لَحْمٌ تَنَجَّسَ) وَتَشَرَّبَ النَّجَاسَةَ (وَلَا إنَاءٌ تَشَرَّبَ نَجَاسَةً وَ) لَا (سِكِّينٌ سُقِيَتْ مَاءً نَجِسًا) أَوْ بَوْلًا أَوْ نَحْوَهُ مِنْ النَّجَاسَاتِ لِأَنَّ الْغَسْلَ لَا يَسْتَأْصِلُ أَجْزَاءَ النَّجَاسَةِ مِمَّا ذُكِرَ قَالَ أَحْمَدُ فِي الْعَجِينِ: يُطْعَمُ النَّوَاضِحَ، وَلَا يُطْعَمُ لِشَيْءٍ يُؤْكَلُ فِي الْحَالِ وَلَا يُحْلَبُ لَبَنُهُ، لِئَلَّا يَنْجُسَ بِهِ وَيَصِيرَ كَالْجَلَّالَةِ.
وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ الْمَقْدِسِيِّ فِي الْمُبْهِجِ: آنِيَةُ الْخَمْرِ مِنْهَا الْمُزَفَّتُ، فَيَطْهُرُ بِالْغَسْلِ لِأَنَّ الزِّفْتَ يَمْنَعُ وُصُولَ النَّجَاسَةِ إلَى جِسْمِ الْإِنَاءِ وَمِنْهَا مَا لَيْسَ بِمُزَفَّتٍ، فَيَتَشَرَّبَ أَجْزَاءَ النَّجَاسَةِ، فَلَا يَطْهُرُ بِالتَّطْهِيرِ فَإِنَّهُ مَتَى تُرِكَ مَائِعٌ ظَهَرَ فِيهِ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ (وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ يَطْهُرُ الزِّئْبَقُ بِالْغَسْلِ) لِأَنَّهُ لِقُوَّتِهِ وَتَمَاسُكِهِ يَجْرِي مَجْرَى الْجَامِدِ، وَبَعْدَهُ ابْنُ حَمْدَانَ.
(وَيَجُوزُ الِاسْتِصْبَاحُ بِدُهْنٍ مُتَنَجِّسٍ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ) لِجَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِالنَّجَاسَةِ عَلَى وَجْهٍ لَا تَتَعَدَّى وَأَمَّا فِي الْمَسْجِدِ فَلَا لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى تَنْجِيسِهِ (وَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَلَا بَيْعُهُ وَيَأْتِي فِي الْبَيْعِ) لِأَنَّ اللَّهَ إذَا حَرَّمَ شَيْئًا حَرَّمَ ثَمَنَهُ.
(وَإِنْ وَقَعَ فِي مَائِعٍ سِنَّوْرٍ) وَهُوَ الْهِرُّ (أَوْ فَأْرَةٌ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَنْضَمُّ دُبُرُهُ إذَا وَقَعَ) فِي مَائِعٍ (فَخَرَجَ حَيًّا فَطَاهِرٌ) لِانْضِمَامِ دُبُرِهِ (وَكَذَا) إذَا وَقَعَ (فِي جَامِدٍ وَهُوَ) أَيْ: الْجَامِدُ (مَا لَا تَسْرِي النَّجَاسَةُ فِيهِ) غَالِبًا.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: مَا لَوْ فُتِحَ وِعَاؤُهُ لَمْ تَسِلْ أَجْزَاؤُهُ قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ سَمْنَ الْحِجَازِ لَا يَكَادُ يَبْلُغهُ (وَإِنْ مَاتَ فِيهِ) أَيْ: الْجَامِدِ هِرٌّ أَوْ نَحْوُهُ أُلْقِيَتْ وَمَا حَوْلَهَا (أَوْ حَصَلَتْ مِنْهُ) أَيْ: السِّنَّوْرِ وَنَحْوِهِ (رُطُوبَةٌ) وَفِي نُسْخَةٍ فِي دَقِيقٍ وَنَحْوِهِ كَالسَّمْنِ الْجَامِدِ (أُلْقِيَتْ وَمَا حَوْلَهَا، وَبَاقِيهِ طَاهِرٌ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْفَأْرَةِ تَمُوتُ فِي السَّمْنِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.
(فَإِنْ اخْتَلَطَ) النَّجِسُ بِالطَّاهِرِ (وَلَمْ يَنْضَبِطْ) النَّجِسُ (حَرُمَ) الْكُلُّ، تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْحَظْرِ (وَتَقَدَّمَ إذَا وَقَعَتْ النَّجَاسَةُ فِي مَائِعٍ) فِي الثَّالِثِ