وَحَدِيثُ اللَّدِيغِ (وَهِيَ جَعْلُ شَيْءٍ) مِنْ الْمَالِ (مَعْلُومٍ كَأُجْرَةٍ) بِالرُّؤْيَةِ أَوْ الْوَصْفِ.

وَ (لَا) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا إنْ كَانَ مِنْ مَالِ حَرْبِيٍّ، فَيَصِحُّ أَنْ يَجْعَلَ الْإِمَامُ مِنْ مَالِ حَرْبِيٍّ (مَجْهُولًا) كَثُلُثِ مَالِ فُلَانٍ الْحَرْبِيِّ، وَنَحْوِهِ، لِمَنْ يَدُلُّ عَلَى قَلْعَةٍ، وَنَحْوِهَا، وَتَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ (لِمَنْ يَعْمَلُ لَهُ عَمَلًا مُبَاحًا) مُتَعَلِّقٌ بِجَعْلٍ.

(وَلَوْ) كَانَ الْعَمَلُ الْمُبَاحُ (مَجْهُولًا) كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ لَمْ يَصِفْهَا، وَرَدِّ لُقَطَةٍ لَمْ يُعَيِّنْ مَوْضِعَهَا؛ لِأَنَّ الْجَعَالَةَ لَهُ جَائِزَةٌ لِكُلِّ مِنْهُمَا فَسْخُهَا، فَلَا يُؤَدِّي إلَى أَنْ يُلْزِمَهُ مَجْهُولًا بِخِلَافِ إجَارَةٍ.

(وَ) يَصِحُّ أَيْضًا أَنْ يُجَاعِلَ (عَلَى) أَنْ يَعْمَلَ لَهُ (مُدَّةً، وَلَوْ مَجْهُولَةً) كَمَنْ حَرَسَ زَرْعِي فَلَهُ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا (سَوَاءٌ جَعَلَهُ لِمُعَيَّنٍ، بِأَنْ يَقُولَ: مَنْ تَصِحُّ إجَارَتُهُ) ، وَهُوَ جَائِزُ التَّصَرُّفِ لِزَيْدٍ مِثْلًا (إنْ رَدَدْتَ لُقَطَتِي فَلَكَ كَذَا، فَ) يَسْتَحِقُّهُ إنْ رَدَّهَا، وَ (لَا يَسْتَحِقُّ مَنْ رَدَّهَا سِوَاهُ) أَيْ: سِوَى الْمُخَاطَبِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ رَبَّهَا لَمْ يُجَاعِلْهُ عَلَى رَدِّهَا.

وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ إنْسَانٍ فَجَعَلَ لَهُ مَالِكُهَا جُعْلًا لِيَرُدَّهَا لَمْ يُبَحْ لَهُ أَخْذُهُ ذِكْرُهُ فِي الْمُبْدِعِ.

(أَوْ) جَعَلَهُ لِ (غَيْرِ مُعَيَّنٍ بِأَنْ يَقُولَ: مَنْ رَدَّ لُقَطَتِي أَوْ وَجَدَهَا) فَلَهُ كَذَا (أَوْ) مَنْ (بَنِي لِي هَذَا الْحَائِطَ أَوْ) مَنْ (رَدَّ عَبْدِي) الْآبِقَ (فَلَهُ كَذَا، فَيَصِحُّ الْعَقْدُ) مَعَ كَوْنِهِ تَعْلِيقًا؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ لَا تَعْلِيقًا مَحْضًا.

(وَيَسْتَحِقُّ) الْعَامِلُ (الْجُعْلَ بِالرَّدِّ) أَيْ: بِعَمَلِ مَا جُوعِلَ عَلَيْهِ كَرَدِّ اللُّقَطَةِ أَوْ الْعَبْدِ، وَبِنَاءِ الْحَائِطِ، وَنَحْوِهِ (وَلَوْ كَانَ) الْمُسَمَّى فِي رَدِّ الْآبِقِ (أَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ أَوْ) أَكْثَرَ مِنْ (اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا) فِضَّةً؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَقَرَّ عَلَى الْجَاعِلِ بِالْفِعْلِ.

(وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) الْمُسَمَّى (أَكْثَرَ) مِنْ دِينَارٍ أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا (فَلَهُ) أَيْ: الْعَامِلِ (فِي) رَدِّ (الْعَبْدِ) الْآبِقِ (مَا قَدَّرَهُ الشَّارِعُ) دِينَارًا أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا، وَتُلْغَى التَّسْمِيَةُ قَطَعَ بِهِ الْحَارِثِيُّ، وَصَاحِبُ الْمُبْدِعِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الشَّارِعُ شَيْئًا مُقَدَّرًا مِنْ الْمَالِ عِنْدَ وُجُودِ سَبَبِهِ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ كَامِلًا بِوُجُودِ سَبَبِهِ، كَأَدَاءِ رُبُعِ مَالِ الْكِتَابَةِ لِلْمُكَاتَبِ عِنْدَ أَدَائِهِ مَالَ كِتَابَتِهِ، وَقَدَّمَ فِي الْفُرُوعِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقّ إلَّا الْمُسَمَّى قَالَ فِي التَّنْقِيحِ، وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ، وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمُنْتَهَى.

(فَمَنْ فَعَلَهُ) أَيْ: الْعَمَلَ الْمُسَمَّى عَلَيْهِ الْجُعْلُ (بَعْدَ أَنْ بَلَغَهُ الْجُعْلُ اسْتَحَقَّهُ كَدَيْنٍ) أَيْ: كَسَائِرِ الدُّيُونِ عَنْ الْمُجَاعِلِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ اسْتَقَرَّ بِتَمَامِ الْعَمَلِ فَاسْتَحَقَّ مَا جُعِلَ لَهُ كَالرِّبْحِ فِي الْمُضَارَبَةِ.

(وَ) مَنْ بَلَغَهُ الْجُعْلُ (فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ: أَثْنَاءِ الْعَمَلِ الَّذِي سُمِّيَ الْجُعْلُ لِمَنْ عَمِلَهُ (يَسْتَحِقُّ) مِنْ الْجُعْلِ (حِصَّةَ تَمَامِهِ)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015