مَالِكُهُ (وَلَمْ يُعْقِبْ) ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ (لَمْ يَمْلِكْ) أَيْضًا بِالْإِحْيَاءِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ تَرْفَعُهُ «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ» (وَأَقْطَعهُ الْإِمَامُ مَنْ شَاءَ) ؛ لِأَنَّهُ فَيْءٌ.
(وَإِنْ كَانَ) الْمَوَاتُ (قَدْ مُلِكَ بِإِحْيَاءٍ ثُمَّ تُرِك حَتَّى دَثَرَ وَعَادَ مَوَاتًا لَمْ يَمْلِكْ بِإِحْيَاءٍ إنْ كَانَ لِمَعْصُومٍ) ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُحْيِي أَوَّلًا لَمْ يَزُلْ عَنْهَا بِالتَّرْكِ بِدَلِيلِ سَائِرِ الْأَمْلَاكِ.
(وَإِنْ عُلِمَ مِلْكُهُ) أَيْ الدَّارِسِ الْخَرَابِ (لِمُعَيَّنٍ غَيْرِ مَعْصُومٍ) بِأَنْ كَانَ لِكَافِرٍ لَا ذِمَّةَ لَهُ وَلَا أَمَانَ (فَإِنْ كَانَ بِدَارِ حَرْبٍ وَانْدَرَسَ كَانَ كَمَوَاتٍ أَصْلِيٍّ يَمْلِكُهُ مُسْلِمٌ بِإِحْيَاءٍ) ؛ لِأَنَّ مِلْكَ مَنْ لَا عِصْمَةَ لَهُ كَعَدَمِهِ، وَإِنْ كَانَ بِدَارِ إسْلَامٍ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِالْإِحْيَاءِ، فَلَا أَثَرَ لِإِحْيَائِهِ.
وَإِنْ مَلَكَهُ بِنَحْوِ شِرَاءٍ، بِأَنْ وَكَّلَ غَيْرٌ الْمَعْصُومِ مَعْصُومًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ مَكَانًا فَاشْتَرَاهُ ثُمَّ تُرِكَ حَتَّى دَرَسَ، وَصَارَ مَوَاتًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ فَيَكُونُ فَيْئًا بِمَنْزِلَةِ مَا جَلَوْا عَنْهُ خَوْفًا مِنَّا لَكِنْ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا: أَنَّ الذِّمِّيَّ لَا يَمْلِكُهُ بِالْإِحْيَاءِ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ.
(وَإِنْ كَانَ فِيهِ) أَيْ الْخَرَابِ أَثَرٌ لِمِلْكٍ غَيْرِ جَاهِلِيٍّ، كَالْخَرَابِ الَّتِي ذَهَبَتْ أَنْهَارُهَا وَانْدَرَسَتْ آثَارُهَا وَلَمْ يُعْلَمْ الْآنَ لَهَا مَالِكٌ (مُلِكَ بِالْإِحْيَاءِ) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ مِنْ الْأَخْبَارِ، وَسَوَاءٌ كَانَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ، أَوْ بِدَارِ الْحَرْبِ.
(وَكَذَا إنْ كَانَ) أَثَرُ الْمِلْكِ بِهِ (جَاهِلِيًّا قَدِيمًا كَدِيَارِ عَادٍ) وَآثَارِ الرُّومِ فَيَمْلِكُهُ مَنْ أَحْيَاهُ لِمَا سَبَقَ وَرَوَى سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ فِي الْأَمْوَالِ عَنْ طَاوُسٍ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَادِي الْأَرْضِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، ثُمَّ هُوَ بَعْدُ لَكُمْ» .
(فَأَمَّا مَسَاكِنُ ثَمُودَ فَلَا تُمْلَكُ فِيهَا لِعَدَمِ دَوَامِ الْبُكَاءِ مَعَ السُّكْنَى وَ) مَعَ (الِانْتِفَاعِ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ) وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ تُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ وَنَقَلَهُ فِي الشَّرْحِ، بَلْ صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى عَنْ جَمْعٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، لِعُمُومِ مَا سَبَقَ.
(وَيُكْرَهُ دُخُولُ دِيَارِهِمْ) أَيْ ثَمُودَ (إلَّا لِبَاكٍ مُعْتَبِرٍ، لَا يُصِيبُهُ مَا أَصَابَهُمْ) مِنْ الْعَذَابِ لِلْخَبَرِ.
(أَوْ) كَانَ أَثَرُ الْمِلْكِ بِهِ جَاهِلِيًّا (قَرِيبًا) فَيَمْلِكُ بِالْإِحْيَاءِ؛ لِأَنَّ أَثَرَ الْمِلْكِ الَّذِي بِهِ لَا حُرْمَةَ لَهُ أَشْبَهَ آثَارَ الْجَاهِلِيِّ الْقَدِيمِ.
(أَوْ تَرَدَّدَ فِي جَرَيَانِ الْمِلْكِ عَلَيْهِ) وَلَمْ يَتَحَقَّقْ مِلْكُهُ لِمَعْصُومِ مِلْكٍ بِالْإِحْيَاءِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ جَرَيَانِ الْمِلْكِ عَلَيْهِ.
(وَمَتَى أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ) أَيْ لِلْمُحْيِي (مُسْلِمًا كَانَ) الْمُحْيِي (أَوْ ذِمِّيًّا) ، وَسَوَاءٌ أَحْيَاهَا (بِإِذْنِ الْإِمَامِ، أَوْ) بِ (غَيْرِ إذْنِهِ، فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهَا) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ مِنْ الْأَخْبَارِ؛ وَلِأَنَّهَا عَيْنٌ مُبَاحَةٌ فَلَمْ يُفْتَقَرْ مِلْكُهَا إلَى إذْنِ الْإِمَامِ، كَأَخْذِ الْمُبَاحِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ عُمُومَ الْأَشْخَاصِ يَسْتَلْزِمُ عُمُومَ الْأَحْوَالِ.
(إلَّا مَوَاتَ الْحَرَمِ) وَ (عَرَفَاتٍ)