كَذَبَ) ظَالِمٌ (عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى إنْسَانٍ (لَمْ يَفْتَرِ) أَيْ: لَمْ يَكْذِبْ (عَلَيْهِ) أَيْ: الْكَاذِبِ (بَلْ يَدْعُو اللَّهَ فِيمَنْ يَفْتَرِي عَلَيْهِ نَظِيرَهُ وَكَذَا إنْ أَفْسَدَ) إنْسَانٌ (عَلَيْهِ دِينَهُ) فَلَا يُفْسِدُ هُوَ عَلَيْهِ دِينَهُ بَلْ يَدْعُو اللَّهَ عَلَيْهِ فِيمَنْ يُفْسِدُ عَلَيْهِ دِينَهُ هَذَا مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ وَالتَّوَرُّعُ عَنْهُ أَوْلَى.
(قَالَ أَحْمَدُ: الدُّعَاءُ قِصَاصٌ وَمَنْ دَعَا عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ فَمَا صَبَرَ يُرِيدُ أَنَّهُ انْتَصَرَ) لِنَفْسِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ دَعَا عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ فَقَدْ انْتَصَرَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَائِشَةَ: (وَلَمَنْ صَبَرَ) فَلَمْ يَنْتَصِرْ: (وَغَفَرَ) تَجَاوَزَ (إنَّ ذَلِكَ) الصَّبْرَ وَالتَّجَاوُزَ (لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) أَيْ: مَعْزُومَاتِهَا بِمَعْنَى الْمَطْلُوبَاتِ شَرْعًا.
(بَابُ الشُّفْعَةِ) بِإِسْكَانِ الْفَاءِ مِنْ الشَّفَاعَةِ أَيْ: الزِّيَادَةِ أَوْ التَّقْوِيَةِ أَوْ مِنْ الشَّفْعِ وَهُوَ أَحْسَنُهَا فَإِنَّ الشَّفْعَ هُوَ الزَّوْجُ وَالشَّفِيعَ كَانَ نَصِيبُهُ مُنْفَرِدًا فِي مِلْكِهِ فَبِالشُّفْعَةِ ضَمَّ الْمَبِيعَ إلَى مِلْكِهِ فَصَارَ شَفْعًا وَالشَّافِعُ هُوَ جَاعِلُ الْوِتْرِ شَفْعًا وَالشَّفِيعُ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ وَهِيَ ثَابِتَةٌ بِالسُّنَّةِ فَرَوَى جَابِرٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَضَى بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهَا (وَهِيَ اسْتِحْقَاقُ الشَّرِيكِ) فِي مِلْكِ الرَّقَبَةِ وَلَوْ مُكَاتَبًا (انْتِزَاعَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ) إذَا انْتَقَلَتْ إلَى غَيْرِهِ مِنْ يَدِ مَنْ انْتَقَلَتْ حِصَّةُ الشَّرِيكِ (إلَيْهِ إنْ كَانَ) الْمُنْتَقَلُ إلَيْهِ (مِثْلَهُ) أَيْ: الشَّفِيعِ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ الْكُفْرِ (أَوْ دُونَهُ) بِأَنْ كَانَ الشَّفِيعُ مُسْلِمًا وَالْمُشْتَرِي كَافِرًا فَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ فَلَا شُفْعَةَ وَيَأْتِي وَقَوْلُهُ (بِعِوَضٍ مَالِيٍّ) مُتَعَلِّقٌ بِانْتَقَلَتْ وَقَوْلُهُ (بِثَمَنِهِ) أَيْ: نَصِيبِ الشَّرِيكِ (الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَقْدُ) مُتَعَلِّقٌ بِانْتِزَاعٍ فَخَرَجَ بِقَوْلِهِ " الشَّرِيكُ " الْجَارُ وَالْمُوصَى لَهُ بِنَفْعِ دَارٍ إذَا بَاعَهَا أَوْ بَعْضَهَا وَارِثٌ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ لِشَيْءٍ مِنْ الدَّارِ وَقَوْلُهُ " بِعِوَضٍ " مُخْرِجٌ لِلْمَوْرُوثِ وَالْمُوصَى بِهِ وَالْمَرْهُونِ بِلَا عِوَضٍ وَنَحْوِهِ.
وَقَوْلُهُ " مَالِيٍّ " مُخْرِجٌ لِلْمَجْعُولِ عِوَضًا عَنْ مَهْرٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ دَمِ عَمْدٍ صُلْحًا وَنَحْوِهِ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَأُورِدَ عَلَى قَيْدِ الشَّرِكَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ تَمَامِ الْحَدِّ لَمَا حَسُنَ أَنْ يُقَالَ: هَلْ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ