الْقَوْلَيْنِ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ بِالْمَنْعِ مِنْ قِتَالِ اللُّصُوصِ فِي الْفِتْنَةِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وُجُوبُ الضَّمَانِ بِالْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ إذَنْ وَهَذَا لَا عَمَلَ عَلَيْهِ انْتَهَى.
قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: أَمَّا وُرُودُ الرِّوَايَةِ بِذَلِكَ فَمُسَلَّمٌ، وَأَمَّا وُجُوبُ الضَّمَانِ بِالْقَتْلِ فَفِي النَّفْسِ مِنْهُ شَيْءٌ (وَيَأْتِي) ذَلِكَ (فِي) بَابِ (حَدِّ الْمُحَارِبِينَ) بِأَوْضَحَ مِنْ هَذَا.
(وَإِذَا عُرِفَتْ الْبَهِيمَةُ بِالصَّوْلِ وَجَبَ عَلَى مَالِكِهَا وَ) عَلَى (الْإِمَامِ وَعَلَى غَيْرِهِ) مِمَّنْ يَقْدِرُ عَلَى إتْلَافِهَا (إتْلَافُهَا إذَا صَالَتْ) وَقَوْلُهُ (عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ) مُتَعَلِّقٌ بِإِتْلَافِهَا أَيْ: وَجَبَ إتْلَافُهَا عَلَى وَجْهٍ لَا تَعْذِيبَ فِيهِ لَهَا لِحَدِيثِ «إذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ» أَوْ أَنَّ هَذَا الْقَتْلَ مِنْ الْمَعْرُوفِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَخْتَصَّ بِهِ رَبُّهَا بَلْ خُوطِبَ بِهِ كُلُّ أَحَدٍ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ فَرْضُ كِفَايَةٍ (وَلَا تُضْمَنُ) الْبَهِيمَةُ الْمَعْرُوفَةُ بِالصُّولِ إذَا قَتَلَتْ حَالَ صَوْلِهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُحْتَرَمَةٍ (كَمُرْتَدٍّ) وَزَانٍ مُحْصَنٍ.
(وَلَوْ حَالَتْ بَهِيمَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ وَلَمْ يَصِلْ إلَيْهِ) أَيْ: مَالِهِ (إلَّا بِقَتْلِهَا فَقَتَلَهَا لَمْ يَضْمَنْهَا) لِعَدَمِ احْتِرَامِهَا لِصَوْلِهَا.
(وَإِنْ اصْطَدَمَتْ سَفِينَتَانِ) وَاقِفَتَانِ أَوْ مُصْعِدَتَانِ أَوْ مُنْحَدِرَتَانِ (فَغَرِقَتَا ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ: مِنْ الْقَيِّمَيْنِ (سَفِينَةَ الْآخَرِ وَمَا فِيهَا) مِنْ نَفْسٍ وَمَالٍ (إنْ فَرَّطَ) ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ بِسَبَبِ فِعْلَيْهِمَا فَوَجَبَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا ضَمَانُ مَا تَلِفَ بِسَبَبِ فِعْلِهِ كَالْفَارِسَيْنِ إذَا اصْطَدَمَا.
(وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ) وَاحِدٌ مِنْهُمَا (فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا) لِعَدَمِ مُبَاشَرَتِهِ التَّلَفَ وَتَسَبُّبِهِ فِيهِ (وَإِنْ فَرَّطَ أَحَدُهُمَا) دُونَ الْآخَرِ (ضَمِنَ) الْمُفَرِّطُ (وَحْدَهُ) مَا تَلِفَ بِتَفْرِيطِهِ لِتَسَبُّبِهِ فِي إتْلَافِهِ.
(وَ) إذَا اخْتَلَفَا فِي التَّفْرِيطِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَيِّمِ وَهُوَ (الْمَلَّاحُ مَعَ يَمِينِهِ فِي غَلَبَةِ الرِّيحِ) إيَّاهُ (وَعَدَمِ التَّفْرِيطِ) ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ.
(وَالتَّفْرِيطُ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى ضَبْطِهَا أَوْ رَدِّهَا عَنْ الْأُخْرَى) فَلَمْ يَفْعَلْ (أَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَعْدِلَهَا إلَى نَاحِيَةٍ أُخْرَى) لَا صَدْمَ مَعَهَا (فَلَمْ يَفْعَلْ أَوْ لَمْ يُكْمِلْ) الْقَيِّمُ (آلَتَهَا مِنْ الرِّجَالِ وَالْحِبَالِ وَغَيْرِهِمَا) كَالْمَرَاسِي وَالْأَخْشَابِ الَّتِي يُحْتَاجُ إلَيْهَا فِي حِفْظِهَا (وَلَوْ تَعَمَّدَا) أَيْ: الْقَيِّمَانِ (الصَّدْمَ فَ) هُمَا (شَرِيكَانِ فِي ضَمَانِ إتْلَافِ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ: مِنْ السَّفِينَتَيْنِ.
(وَ) فِي ضَمَانِ إتْلَافِ (مَنْ فِيهِمَا) أَيْ: السَّفِينَتَيْنِ مِنْ الْأَنْفُسِ وَالْأَمْوَالِ؛ لِأَنَّهُ تَلَفٌ حَصَلَ بِفِعْلِهِمَا فَاشْتَرَكَا فِي ضَمَانِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ خَرَقَاهُمَا وَإِنْ تَلِفَ بِسَبَبِ ذَلِكَ آدَمِيٌّ مُحْتَرَمٌ (فَإِنْ قُتِلَ غَالِبًا) مَا وُجِدَ مِنْ فِعْلِهِمَا (فَ) عَلَيْهِمَا (الْقَوَدُ) بِشَرْطِهِ مِنْ الْمُكَافَأَةِ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهُمَا تَعَمَّدَا الْقَتْلَ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا أَشْبَهَ مَا لَوْ أَلْقَيَاهُ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ