بِدَفْعِهَا لِلْحَاكِمِ أَوْ الصَّدَقَةِ بِهَا عَنْ رَبِّهَا بِشَرْطِ ضَمَانِهَا؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ عَنْ الرَّدِّ لِلْمَالِكِ لِجَهْلِهِ بِهِ.
وَإِذَا تَصَدَّقَ بِهَا فَالثَّوَابُ لِأَرْبَابِهَا (وَكَذَا رُهُونٌ وَوَدَائِعُ وَسَائِرُ الْأَمَانَاتِ وَالْأَمْوَالِ الْمُحَرَّمَةِ) كَالسَّرِقَةِ وَالنَّهْبِ إذَا جُهِلَ رَبُّهَا دَفَعَهَا لِلْحَاكِمِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ رَبِّهَا بِشَرْطِ ضَمَانِهَا لَهُ؛ لِأَنَّ فِي الصَّدَقَةِ بِهَا عَنْهُمْ جَمْعًا بَيْنَ مَصْلَحَةِ الْقَابِضِ بِتَبْرِئَةِ ذِمَّتِهِ وَمَصْلَحَةِ الْمَالِكِ بِتَحْصِيلِ الثَّوَابِ لَهُ قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي الْقَوَاعِدِ: وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ يَتَخَرَّجُ جَوَازُ أَخْذِ الْفُقَرَاءِ مِنْ الصَّدَقَةِ مِنْ يَدِ مَنْ مَالُهُ حَرَامٌ كَقُطَّاعِ طَرِيقٍ وَأَفْتَى الْقَاضِي بِجَوَازِهِ.
(وَلَيْسَ لِمَنْ هِيَ) أَيْ: الْغُصُوبُ وَالْأَمَانَاتُ الْمَجْهُولَةُ أَرْبَابُهَا (عِنْدَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهَا) وَلَوْ كَانَ (فَقِيرًا) مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: الدُّيُونُ الْمُسْتَحَقَّةُ كَالْأَعْيَانِ يَتَصَدَّقُ بِهَا عَنْ مُسْتَحِقِّهَا نَصَّ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ نَصَّ عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ لِغَرِيمِهِ: تَصَدَّقْ عَنِّي بِدَيْنِي الَّذِي لِي عَلَيْك لَمْ يَبْرَأْ بِالصَّدَقَةِ وَنَصَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ فِيمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِرَجُلٍ مَاتَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لِلنَّاسِ يَقْضِي عَنْهُ دَيْنَهُ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ أَنَّهُ يَبْرَأُ بَاطِنًا، وَإِذَا أَرَادَ مَنْ بِيَدِهِ عَيْنٌ جَهِلَ مَالِكَهَا أَنْ يَتَمَلَّكَهَا وَأَنْ يَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهَا عَنْ مَالِكِهَا.
فَنَقَلَ صَالِحٌ عَنْ أَبِيهِ الْجَوَازُ فِيمَنْ اشْتَرَى آجُرًّا وَعَلِمَ أَنَّ الْبَائِعَ بَاعَهُ مَا لَا يَمْلِكُ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ أَرْبَابٌ: أَرْجُو إنْ أُخْرِجَ قِيمَةَ الْآجُرِّ فَتَصَدَّقَ بِهِ أَنْ يَنْجُوَ مِنْ إثْمِهِ وَقَدْ يَتَخَرَّجُ فِيهِ خِلَافٌ مِنْ جَوَازِ شِرَاءِ الْوَكِيلِ مِنْ نَفْسِهِ.
(وَإِذَا تَصَدَّقَ) الْغَاصِبُ وَنَحْوُهُ (بِالْمَالِ) الْمَغْصُوبِ وَنَحْوِهِ الْمَجْهُولِ رَبُّهُ (ثُمَّ حَضَرَ الْمَالِكُ خُيِّرَ بَيْنَ الْآجُرِّ وَبَيْنَ الْأَخْذِ) لِلْبَدَلِ (مِنْ الْمُتَصَدِّقِ فَإِنْ) اخْتَارَ الْآجُرَّ فَذَاكَ.
(وَإِنْ اخْتَارَ الْأَخْذَ مِنْ) الْمُتَصَدِّقِ (فَلَهُ ذَلِكَ وَالْآجُرُّ لِلْمُتَصَدِّقِ) عَمَّا تَصَدَّقَ بِهِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِصَاحِبِهِ إذَا عَرَفَ رَدُّ مَا فَعَلَهُ مَنْ كَانَتْ بِيَدِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ لِثُبُوتِ الْوِلَايَةِ لَهُ شَرْعًا لِلْحَاجَةِ كَمَنْ مَاتَ وَلَا وَلِيَّ لَهُ وَلَا حَاكِمَ.
(وَلَوْ نَوَى) الْغَاصِبُ وَنَحْوُهُ (جَحْدَ مَا بِيَدِهِ مِنْ ذَلِكَ) الْغَصْبِ أَوْ الْأَمَانَةِ وَنَحْوِهَا فِي حَيَاةِ رَبِّهِ (أَوْ) نَوَى جَحْدَ (حَقٍّ عَلَيْهِ فِي حَيَاةِ رَبِّهِ فَثَوَابُهُ لَهُ) أَيْ: لِرَبِّهِ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ جَحْدِهِ قَائِمَةٌ مَقَامَ إتْلَافِهِ إذَنْ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلْ لِوَرَثَةِ رَبِّهِ بِمَوْتِهِ فَكَانَ ثَوَابُهُ لَهُ (وَإِلَّا) يَنْوِي جَحْدَ مَا ذُكِرَ فِي حَيَاةِ رَبِّهِ بَلْ بَعْدَ مَوْتِهِ (فَ) ثَوَابُهُ (لِوَرَثَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عُدِمَ عَلَيْهِمْ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَى مَا فَاتَ عَلَيْهِ قَهْرًا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ.
(وَلَوْ نَدِمَ) الْغَاصِبُ وَنَحْوُهُ عَلَى تَعَدِّيهِ (وَرَدَّ مَا غَصَبَهُ) أَوْ سَرَقَهُ وَنَحْوَهُ (عَلَى الْوَرَثَةِ بَرِئَ) الْغَاصِبُ وَنَحْوُهُ مِنْ (إثْمِهِ) أَيْ: الْمَالِ الْمَغْصُوبِ أَوْ الْمَسْرُوقِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَى مُسْتَحِقِّهِ (لَا مِنْ إثْمِ الْغَصْبِ) فَلَا يَبْرَأُ مِنْهُ بَلْ يَبْقَى