وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ وَلِذَلِكَ عَبَّرَ بِمَنْ وَقَوْلُهُ (بِجُزْءٍ) مُشَاعٍ (مَعْلُومٍ مِنْ رِبْحِهِ) أَيْ الْمَالِ، مُتَعَلِّقٌ بِيَتَّجِرُ فَإِنْ سَمَّى لَهُ كُلَّ الرِّبْحِ أَوْ دَرَاهِمَ وَلَوْ مَعْلُومَةً أَوْ جُزْءًا مَجْهُولًا، كَحَظٍّ أَوْ قِسْطٍ، أَوْ نَصِيبٍ فَسَدَتْ وَتَقَدَّمَ.
وَكَذَا لَوْ جَعَلَ لَهُ جُزْءًا مِنْ نَفْسِ الْمَالِ الْمَدْفُوعِ (لَهُ) أَيْ لِلْعَامِلِ (أَوْ لِعَبْدِهِ) أَيْ عَبْدِ الْعَامِلِ إذْ الْمَشْرُوطُ لِلْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ (أَوْ) شَرَطَ الْجُزْءَ لِلْعَامِلِ، وَ (لِأَجْنَبِيٍّ مَعَ عَمَلٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ بِأَنْ يَقُولَ: اعْمَلْ فِي هَذَا الْمَالِ بِثُلُثِ الرِّبْحِ لَكَ وَلِزَيْدٍ، عَلَى أَنْ يَعْمَلَ مَعَكَ؛ لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ قَوْلِهِ: اعْمَلَا فِي هَذَا الْمَالِ بِالثُّلُثِ (وَيُسَمَّى أَيْضًا) دَفْعُ الْمَالِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ (قِرَاضًا) وَتَقَدَّمَ (وَمُعَامَلَةً) مِنْ الْعَمَلِ.
(وَتَنْعَقِدُ) الْمُضَارَبَةُ (بِمَا يُؤَدِّي مَعْنَى ذَلِكَ) أَيْ مَعْنَى الْمُضَارَبَةِ وَالْقِرَاضِ مِنْ كُلِّ قَوْلٍ دَلَّ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمَعْنَى فَجَازَ بِكُلِّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ (وَهِيَ) أَيْ الْمُضَارَبَةُ (أَمَانَةٌ وَوَكَالَةٌ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ وَالْمَالُ تَحْتَ يَدِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَخْتَصُّ بِنَفْعِهِ (فَإِنْ رَبِحَ) الْعَامِلُ فِي الْمَالِ (فَشَرِكَةٌ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الرِّبْحِ (وَإِنْ فَسَدَتْ) الْمُضَارَبَةُ (فَإِجَارَةٌ) ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ يَأْخُذُ أُجْرَةَ عَمَلِهِ.
(وَإِنْ تَعَدَّى) الْعَامِلُ مَا أَمَرَ بِهِ رَبُّ الْمَالِ (فَغَضِبَ) يَرُدُّ الْمَالَ وَرِبْحَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي نَظِيرِ عَمَلِهِ كَالْغَاصِبِ.
(قَالَ) ابْنُ الْقَيِّمِ (فِي الْهَدْيِ) النَّبَوِيِّ (الْمُضَارِبُ أَمِينٌ وَأَجِيرٌ وَوَكِيلٌ وَشَرِيكٌ فَأَمِينٌ إذَا قَبَضَ الْمَالَ، وَوَكِيلٌ إذَا تَصَرَّفَ فِيهِ) أَيْ الْمَالِ (وَأَجِيرٌ فِيمَا يُبَاشِرُهُ مِنْ الْعَمَل بِنَفْسِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ لِغَيْرِهِ بِعِوَضٍ وَهُوَ الْجُزْءُ الْمُسَمَّى لَهُ مِنْ الرِّبْحِ وَإِنْ كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةً وَلَعَلَّ مُرَادَهُ: أَنَّهُ فِي حُكْمِ الْأَجِيرِ، وَإِلَّا فَتَعْرِيفُ الْإِجَارَةِ الْآتِي لَا يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَجْعَلْ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ " مُقَابِلًا " لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ أَجِيرٌ إذَا فَسَدَتْ.
(وَشَرِيكٌ إذَا ظَهَرَ فِيهِ) أَيْ الْمَالِ (الرِّبْحُ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَمِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا) أَيْ الْمُضَارَبَةِ (تَقْدِيرُ نَصِيبِ الْعَامِلِ) مِنْ الرِّبْحِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ إلَّا بِالشَّرْطِ (فَإِنْ قَالَ) رَبُّ الْمَالِ (خُذْ هَذَا الْمَالَ مُضَارَبَةً وَلَمْ يَذْكُرْ سَهْمَ الْعَامِلِ) لَمْ تَصِحَّ (أَوْ قَالَ) خُذْ هَذَا الْمَالَ مُضَارَبَةً (وَلَكَ جُزْءٌ) أَوْ حَظٌّ أَوْ نَصِيبٌ (مِنْ الرِّبْحِ فَ) الْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةٌ، لِجَهَالَةِ نَصِيبِ الْعَامِلِ وَ (الرِّبْحُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَالِ) ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مَالِهِ.
(وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَحْدَهُ،؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ أَمِينٌ (وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ) وَإِنْ لَمْ يُحَصَّلْ رِبْحٌ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ بِعِوَضٍ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ (وَتَكْفِي مُبَاشَرَتُهُ) أَيْ الْعَمَلِ قَبُولًا (فَلَا يُعْتَبَرُ نُطْقُ) الْعَامِلِ بِالْقَبُولِ كَالْوَكَالَةِ.
(فَإِنْ قَالَ) رَبُّ الْمَالِ (خُذْهُ فَاتَّجِرْ فِيهِ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِي، فَ) هُوَ (إبْضَاعٌ) أَيْ يَصِيرُ جَمِيعُ الرِّبْحِ لِرَبِّ