(كُلِّهَا، وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْهَا الدَّيْنُ) لِتَعَلُّقِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ الْجَانِي (سَوَاءٌ كَانَ) الدَّيْنُ (دَيْنًا لِآدَمِيٍّ، أَوْ) كَانَ (دَيْنًا لِلَّهِ تَعَالَى) كَزَكَاةٍ وَكَفَّارَةٍ وَنَذْرِ حَجٍّ وَسَوَاءٌ (ثَبَتَ) الدَّيْنُ (فِي الْحَيَاةِ أَوْ تَجَدَّدَ بَعْدَ الْمَوْتِ بِسَبَبٍ يَقْتَضِي الضَّمَانَ، كَحَفْرِ بِئْرٍ) تَعَدِّيًا (وَنَحْوِهِ) كَبِنَاءٍ تَعَدَّى بِهِ فَإِذَا تَلِفَ بِذَلِكَ شَيْءٌ بَعْدَ مَوْتِ الْحَافِرِ وَالْبَانِي تَعَلَّقَ بِتَرِكَتِهِ (وَتَأْتِي تَتِمَّتُهُ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا وَ) فِي (آخِرِ) بَابِ (الْقِسْمَةِ وَالدَّيْنُ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي الضَّمَانِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْآنَ بَرَدَتْ جِلْدَتُهُ» حَالَ كَوْنِ الدَّيْنِ (فِي التَّرِكَةِ) أَيْ مُتَعَلِّقًا بِهَا (حَتَّى يُوَفَّى) مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا.
(وَيَصِحُّ تَصَرُّفُ الْوَرَثَةِ فِي التَّرِكَةِ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ) لِانْتِقَالِهَا إلَيْهِمْ، كَتَصَرُّفِ السَّيِّدِ فِي الْعَبْدِ الْجَانِي وَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُمْ التَّصَرُّفُ (بِشَرْطِ الضَّمَانِ) قَالَهُ الْقَاضِي وَقَالَ وَمَتَى خَلَّى الْوَرَثَةُ بَيْنَ التَّرِكَةِ وَبَيْنَ الْغُرَمَاءِ سَقَطَتْ مُطَالَبَتُهُمْ بِالدُّيُونِ وَنَصَّبَ الْحَاكِمُ مَنْ يُوَفِّيهِمْ مِنْهَا وَلَمْ يَمْلِكْهَا الْغُرَمَاءُ بِذَلِكَ انْتَهَى وَأَمَّا صِحَّةُ التَّصَرُّفِ فَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الضَّمَانِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُبْدِعِ وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا حَيْثُ قَالُوا: فَإِنْ تَصَرَّفُوا فِيهَا صَحَّ كَتَصَرُّفِ السَّيِّدِ فِي الْعَبْدِ الْجَانِي.
(وَيَضْمَنُونَ) أَيْ الْوَرَثَةُ إذَا تَصَرَّفُوا فِي التَّرِكَةِ (الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ التَّرِكَةِ أَوْ الدَّيْنِ) لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ (فَإِنْ تَعَذَّرَ وَفَاؤُهُ) أَيْ الدَّيْنِ بَعْدَ تَصَرُّفِهِمْ فِي التَّرِكَةِ (فُسِخَ تَصَرُّفُهُمْ) قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمُنْتَهَى: فُسِخَ الْعَقْدُ انْتَهَى فَعَلَيْهَا إنْ تَصَرَّفُوا بِعِتْقٍ لَمْ يَتَأَتَّ فَسْخُهُ وَعَلَيْهِمْ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ الدَّيْنِ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ الْجَانِيَ وَالرَّاهِنُ الرَّهْنَ.
(وَإِنْ بَقِيَ عَلَى الْمُفْلِسِ) بَعْدَ قَسْمِ مَالِهِ (بَقِيَّةٌ) مِنْ الدَّيْنِ (أُجْبِرَ الْمُحْتَرِفُ عَلَى الْكَسْبِ وَ) عَلَى (إيجَارِ نَفْسِهِ فِيمَا يَلِيقُ بِمِثْلِهِ) مِنْ الصَّنَائِعِ (لِقَضَاءِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ) مِنْ الدُّيُونِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بَاعَ سُرَّقًا فِي دَيْنِهِ بِخَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَسُرَّقٌ رَجُلٌ دَخَلَ الْمَدِينَةَ وَذَكَرَ أَنَّ وَرَاءَهُ مَالًا فَدَايَنَهُ النَّاسُ وَرَكِبَتْهُ دُيُونٌ وَلَمْ يَكُنْ وَرَاءَهُ مَالٌ فَسَمَّاهُ سُرَّقًا وَالْحُرُّ لَا يُبَاعُ فَعُلِمَ أَنَّهُ بَاعَ مَنَافِعَهُ، إذْ الْمَنَافِعُ تَجْرِي مَجْرَى الْأَعْيَانِ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَتَحْرِيمِ أَخْذِ الزَّكَاةِ فَكَذَا هُنَا، وَلِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَأُجْبِرَ عَلَيْهَا، كَبَيْعِ مَالِهِ (مَعَ) بَقَاءِ (الْحَجْرِ عَلَيْهِ إلَى الْوَفَاءِ) أَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِفَكِّهِ وَيَأْتِي.
(وَ) يُجْبَرُ أَيْضًا عَلَى (إيجَارِ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ) يَسْتَغْنِي عَنْهُ (وَ) عَلَى إيجَارِ (أُمِّ وَلَدِهِ إنْ اسْتَغْنَى عَنْهَا) لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى وَفَاءِ دَيْنِهِ فَلَزِمَهُ، كَمَالِكٍ مَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَفَاءِ مِنْهُ (لَا إنْ