(فَإِنْ ثَبَتَتْ الزَّوْجِيَّةُ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ: بَعْدَ دَفْعِهَا الْعِوَضَ لَهُ (بِإِقْرَارِهَا أَوْ بِبَيِّنَةٍ) (فَالنِّكَاحُ بَاقٍ بِحَالِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الزَّوْجِ طَلَاقٌ وَلَا خُلْعٌ.
(وَلَمْ يَكُنْ مَا أَخَذَهُ) مِنْ الْعِوَضِ (صُلْحًا) عَنْ دَعْوَى الزَّوْجِيَّةِ (خُلْعًا) ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَدْفَعْهُ فِي مُقَابَلَةِ إبَانَتِهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَعْتَرِفْ بِالزَّوْجِيَّةِ حَتَّى تَطْلُبَ الْإِبَانَةَ.
(وَإِنْ) طَلَّقَهَا وَأَنْكَرَ فَ (دَفَعَتْ إلَيْهِ مَالًا لِيُقِرَّ لَهَا بِمَا وَقَعَ) مِنْهُ (مِنْ طَلَاقِهَا صَحَّ) ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَبْذُلَ لَهُ مَالًا لِيُبِينَهَا.
(وَحُرِّمَ عَلَيْهِ الْأَخْذُ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِمَا وَقَعَ مِنْهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْتَاضَ عَنْهُ (وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ) طَلَّقَهَا (أَقَلَّ) مِنْ ثَلَاثٍ (فَصَالَحَهَا عَلَى مَالٍ لِتَتْرُكَ دَعْوَاهَا) الطَّلَاقَ (لَمْ يَجُزْ) الصُّلْحُ؛ لِأَنَّهُ يُحِلُّ حَرَامًا.
فَصْلٌ (النَّوْعُ الثَّانِي) مِنْ نَوْعَيْ الصُّلْحِ عَلَى إقْرَارٍ (أَنْ يُصَالِحَ عَنْ الْحَقِّ الْمُقَرِّ بِهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ أَيْ: بَيْعٌ) كَمَا اعْتَرَفَ مَنْ لَهُ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ أَوْ دَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ عَوَّضَ عَنْهُ مَا يَجُوزُ تَعْوِيضُهُ وَهُوَ يَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ نَبَّهَ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ (فَإِنْ كَانَ بِأَثْمَانٍ عَنْ أَثْمَانٍ فَصَرْفٌ، لَهُ حُكْمُهُ) ؛ لِأَنَّ بَيْعَ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالْآخَرِ يُشْتَرَطُ لَهُ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ.
(وَ) إنْ كَانَ (بِعَرَضٍ عَنْ نَقْدٍ أَوْ) كَانَ (عَنْ الْعَرَضِ بِنَقْدٍ، أَوْ) كَانَ عَنْ الْعَرَضِ (بِعَرَضٍ فَبَيْعٌ) يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعِلْمُ؛ لِأَنَّهُ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ.
(وَ) الصُّلْحُ (عَنْ دَيْنٍ يَصِحُّ بِغَيْرِ جِنْسِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ دَيْنٍ وَأَقَلَّ) مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ (بِشَرْطِ الْقَبْضِ) قَبْلَ التَّفَرُّقِ لِئَلَّا يَصِيرَ بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ.
(وَيَحْرُمُ) الصُّلْحُ عَنْ دَيْنٍ (بِجِنْسِهِ إذَا كَانَ) مِثْلِيًّا (مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا) لَا صِنَاعَةَ فِيهِ مُبَاحَةً يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ (بِأَكْثَرَ) مِنْ الدَّيْنِ (أَوْ أَقَلَّ) مِنْهُ (عَلَى سَبِيلِ الْمُعَاوَضَةِ) ؛ لِأَنَّهُ رِبًا (لَا) إنْ تَرَكَ لَهُ بَعْضَ الدَّيْنِ وَأَخَذَ الْبَاقِيَ (عَلَى سَبِيلِ الْإِبْرَاءِ أَوْ الْحَطِيطَةِ) كَمَا لَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ الْكُلِّ وَتَقَدَّمَ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ غَيْرَ مَكِيلٍ وَلَا مَوْزُونٍ وَصَالَحَهُ عَنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ جِنْسِهِ جَازَ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ قِيمَتُهُ فَالصُّلْحُ فِي الْحَقِيقَةِ عَنْ الْقِيمَةِ، وَهِيَ إنَّمَا تَكُونُ مِنْ النَّقْدَيْنِ فَاخْتَلَفَ الْجِنْسُ فَلَا رِبَا.
(وَإِنْ كَانَ) الصُّلْحُ عَنْ نَقْدٍ أَوْ عَرَضٍ (بِمَنْفَعَةٍ كَسُكْنَى دَارٍ وَخِدْمَةِ عَبْدٍ) مُدَّةً مَعْلُومَةً (أَوْ) صَالَحَهُ عَنْ ذَلِكَ (عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ عَمَلًا مَعْلُومًا فَأَجَازَهُ) كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَبِنَاءِ حَائِطٍ فَهُوَ إجَارَةٌ؛ لِأَنَّهَا بَيْعُ الْمَنَافِعِ (تَبْطُلُ بِتَلَفِ الدَّارِ وَمَوْتِ الْعَبْدِ لَا عِتْقِهِ)