أَشْبَهَ مَا لَوْ لَطَمَهُ، بِخِلَافِ مَا سَبَقَ، فَإِنَّ فِيهِ غَضَاضَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ، خُصُوصًا بِسَبِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَرَسُولِهِ وَدِينِهِ.
(وَلَا يُنْتَقَضُ بِنَقْضِ عَهْدِهِ عَهْدُ نِسَائِهِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ الْمَوْجُودِينَ، لَحِقُوا بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ لَا) ؛ لِأَنَّ النَّقْضَ وُجِدَ مِنْهُ دُونَهُمْ، فَاخْتَصَّ حُكْمُهُ بِهِ (وَلَوْ لَمْ يُنْكِرُوا) عَلَيْهِ (النَّقْضَ) وَأَمَّا مَنْ حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ وَوَلَدَتْهُ بَعْدَ النَّقْضِ فَإِنَّهُ يُسْتَرَقُّ وَيُسْبَى، لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْأَمَانِ لَهُ وَإِنْ نَقَضَ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ اخْتَصَّ حُكْمُ النَّقْضِ بِالنَّاقِضِ وَلَوْ سَكَتَ غَيْرُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْقُضُوا لَكِنْ خَافَ مِنْهُمْ النَّقْضَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُنْبَذَ إلَيْهِمْ عَهْدُهُمْ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ لَحِقَهُمْ بِدَلِيلِ أَنَّ الْإِمَامَ يَلْزَمُهُ إجَابَتُهُمْ إلَيْهِ بِخِلَافِ عَقْدِ الْأَمَانِ وَالْهُدْنَةِ فَإِنَّهُ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ.
(وَإِنْ أَظْهَرَ) الذِّمِّيُّ (مُنْكَرًا أَوْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِكِتَابِهِ، أَوْ رَكِبَ الْخَيْلَ وَنَحْوَهُ) مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُمْ يُمْنَعُونَ مِنْهُ (لَمْ يُنْقَضْ عَهْدُهُ) بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَقْتَضِيهِ وَلَا ضَرَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِيهِ (وَيُؤَدَّبُ) لِارْتِكَابِهِ الْمُحَرَّمَ.
(وَحَيْثُ اُنْتُقِضَ) عَهْدُهُ (خُيِّرَ الْإِمَامُ فِيهِ كَالْأَسِيرِ الْحَرْبِيِّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ) لِفِعْلِ عُمَرَ وَلِأَنَّهُ كَافِرٌ لَا أَمَانَ لَهُ أَشْبَهَ الْأَسِيرَ، وَكَمَا لَوْ دَخَلَ مُتَلَصِّصًا (وَمَالُهُ فَيْءٌ) ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَا حُرْمَةَ لَهُ فِي نَفْسِهِ، إنَّمَا هُوَ تَابِعٌ لِمَالِكِهِ حَقِيقَةً، وَقَدْ اُنْتُقِضَ عَهْدُ الْمَالِكِ فِي نَفْسِهِ فَكَذَا فِي مَالِهِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْأَمَانِ وَسَبَقَ مَا فِيهِ (وَيَحْرُمُ قَتْلُهُ لِأَجْلِ نَقْضِهِ الْعَهْدَ إذَا أَسْلَمَ وَلَوْ لِسَبِّهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ» وَيَحْرُمُ أَيْضًا رِقُّهُ بَعْدَ إسْلَامِهِ، لَا إنْ كَانَ رُقَّ قَبْلُ (وَيُسْتَوْفَى مِنْهُ مَا يَقْتَضِيهِ الْقَتْلُ) إذَا أَسْلَمَ وَقَدْ قُتِلَ: مِنْ قِصَاصٍ، أَوْ دِيَةٍ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ.
وَلَا يَسْقُطُ بِإِسْلَامِهِ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ (وَقِيلَ يُقْتَلُ سَابُّهُ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (بِكُلِّ حَالٍ) وَإِنْ أَسْلَمَ (اخْتَارَهُ جَمْعٌ) مِنْهُمْ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَابْنُ الْبَنَّاءِ وَالسَّامِرِيُّ.
(قَالَ الشَّيْخُ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ؛ لِأَنَّهُ قَذْفٌ لِمَيِّتٍ فَلَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ.
(وَقَالَ إنْ سَبَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرْبِيٌّ ثُمَّ تَابَ بِإِسْلَامِهِ، قُبِّلَتْ تَوْبَتُهُ إجْمَاعًا) لِلْآيَةِ وَالْحَدِيثِ السَّابِقَيْنِ (وَقَالَ: مَنْ تَوَلَّى مِنْهُمْ) أَيْ: مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ (دِيوَانَ الْمُسْلِمِينَ اُنْتُقِضَ عَهْدُهُ وَتَقَدَّمَ) فِي بَابِ مَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ وَالْجَيْشَ.
(وَقَالَ إنْ جَهَرَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِأَنَّ الْمَسِيحَ هُوَ اللَّهُ) تَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ