بَابٌ (بَابُ مَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ وَالْجَيْشَ يَلْزَمُ) كُلَّ أَحَدٍ إخْلَاصُ النِّيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى فِي الطَّاعَاتِ، وَيَجْتَهِد فِي ذَلِكَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ سِرًّا بِحُضُورِ قَلْبِ لِمَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا غَزَا قَالَ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَضُدِي، وَنَصِيرِي، بِكَ أَحُولُ، وَبِكَ أُصُولُ، وَبِكَ أُقَاتِلُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَكَانَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَقُولُهُ عِنْدَ قَصْدِ مَجْلِسِ الْعِلْمِ.
وَ (يَلْزَمُ الْإِمَامَ أَوْ الْأَمِيرَ إذَا أَرَادَ الْغَزْوَ أَنْ يَعْرِضَ جَيْشَهُ جَيْشُهُ وَيَتَعَاهَدَ الْخَيْلَ وَالرِّجَالَ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَصَالِحِ الْجَيْشِ فَلَزِمَهُ فِعْلُهُ، كَبَقِيَّةِ الْمَصَالِحِ، فَيَخْتَارُ مِنْ الرِّجَالِ مَا فِيهِ غِنًى وَمَنْفَعَةٌ لِلْحَرْبِ وَمُنَاصَحَةٌ، وَمِنْ الْخَيْلِ مَا فِيهِ قُوَّةٌ وَصَبْرٌ عَلَى الْحَرْبِ، وَيُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي الرُّكُوبِ وَحَمْلِ الْأَثْقَالِ (فَيَمْنَعُ مَا لَا يَصْلُحُ لِلْحَرْبِ، كَفَرَسٍ حَطِيمٍ وَهُوَ الْكَسِيرُ، وَ) كَفَرَسٍ (قُحْمٍ، وَهُوَ الشَّيْخُ الْهَرِمُ وَالْفَرَسُ الْمَهْزُولُ الْهَرِمُ وَضَرِعٌ وَهُوَ الرَّجُلُ الضَّعِيفُ وَالنَّحِيفُ وَنَحْو ذَلِكَ) كَالْفَرَسِ الصَّغِيرِ وَكُلُّ مَا لَا يَصْلُحُ لِلْحَرْبِ (مِنْ دُخُولِ أَرْضِ الْعَدُوِّ) لِئَلَّا يَنْقَطِعُ فِيهَا؛ وَلِأَنَّهُ يَكُونُ كَلًّا عَلَى الْجَيْشِ وَمُضَيِّقًا عَلَيْهِمْ وَرُبَّمَا كَانَ سَبَبًا لِلْهَزِيمَةِ.
(وَيَمْنَعُ مُخَذِّلًا لِلْهَزِيمَةِ مَثَلًا فَلَا يَصْحَبُهُمْ، يَصْحَبُهُمْ وَلَوْ لِضَرُورَةٍ وَهُوَ الَّذِي يَصُدُّ غَيْرَهُ عَنْ الْغَزْوِ) وَيُزَهِّدُهُمْ فِي الْخُرُوجِ إلَيْهِ (وَ) يَمْنَعُ (مُرْجِفًا، وَهُوَ مَنْ يُحَدِّثُ بِقُوَّةِ الْكُفَّارِ وَبِضَعْفِنَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} [التوبة: 46] {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ} [التوبة: 47] الْآيَةَ (وَ) يَمْنَعُ (صَبِيًّا لَمْ يَشْتَدَّ، وَمَجْنُونًا) ؛ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِمَا.
(وَ) يَمْنَعُ (مُكَاتِبًا بِأَخْبَارِنَا وَرَامِيًا بَيْنَنَا الْعَدَاوَةَ، وَسَاعِيًا بِالْفَسَادِ، وَمَعْرُوفًا بِنِفَاقٍ وَزَنْدَقَةٍ) ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ مَضَرَّةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَلَزِمَ مَنْعُهُمْ إزَالَةً لِلضَّرَرِ (وَ) يَمْنَعُ (نِسَاءٌ) لِلِافْتِتَانِ بِهِنَّ، مَعَ أَنَّهُنَّ لَسْنَ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ، لِاسْتِيلَاءِ الْخَوَرِ وَالْجُبْنِ عَلَيْهِنَّ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ ظَفَرُ الْعَدُوِّ بِهِنَّ، فَيَسْتَحِلُّونَ مِنْهُنَّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ بَعْضُهُمْ: (إلَّا