مُحْصَرٍ إنْ كَانَ) حَجُّهُ (نَفْلًا) لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَذَكَر فِي الْإِنْصَافِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَقَيَّدَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُنْتَهَى بِمَا إذَا تَحَلَّلَ قَبْلَ فَوَاتِ الْحَجِّ وَمَفْهُومِهَا: أَنَّهُ لَوْ تَحَلَّلَ بَعْدَ فَوَاتِ الْحَجِّ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ، وَهُوَ إحْدَى رِوَايَتَيْنِ أَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ وَإِنْ زَالَ الْحَصْرُ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ وَأَمْكَنَهُ فِعْلُ الْحَجِّ الْوَاجِبِ فِي ذَلِكَ الْعَامِ لَزِمَهُ فِعْلُهُ.
(وَمَنْ أُحْصِرَ عَنْ وَاجِبٍ) كَرَمْيِ الْجِمَارِ (لَمْ يَتَحَلَّلْ وَعَلَيْهِ لَهُ) أَيْ: لِتَرْكِهِ ذَلِكَ الْوَاجِبَ (دَمٌ) كَمَا لَوْ تَرَكَهُ اخْتِيَارًا (وَحَجُّهُ صَحِيحٌ) لِتَمَامِ أَرْكَانِهِ.
(وَإِنْ صُدَّ) الْمُحْرِمُ (عَنْ عَرَفَةَ دُونَ الْبَيْتِ) أَيْ: الْحَرَمِ (تَحَلَّلَ بِ) أَفْعَالِ (عُمْرَةٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ قَلْبَ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ مُبَاحٌ بِلَا حَصْرٍ فَمَعَهُ أَوْلَى فَإِنْ كَانَ قَدْ طَافَ وَسَعَى لِلْقُدُومِ، ثُمَّ أُحْصِرَ، أَوْ مَرِضَ، أَوْ فَاتَهُ الْحَجُّ تَحَلَّلَ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ آخَرَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ لَمْ يُقْصَدْ بِهِمَا طَوَافُ الْعُمْرَةِ وَلَا سَعْيِهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُجَدِّدَ إحْرَامًا فِي الْأَصَحِّ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى وَمَنْ أُحْصِرَ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ، وَقَدْ رَمَى وَحَلَقَ لَمْ يَتَحَلَّلْ حَتَّى يَطُوفَ.
(وَمَنْ أُحْصِرَ بِمَرَضٍ أَوْ ذَهَابِ نَفَقَةٍ) أَوْ ضَلَّ الطَّرِيقَ (لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّحَلُّلُ، وَهُوَ عَلَى إحْرَامِهِ، حَتَّى يَقْدِرَ عَلَى الْبَيْتِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ بِالْإِحْلَالِ الِانْتِقَالَ مِنْ حَالٍ إلَى حَالٍ خَيْرٍ مِنْهَا، وَلَا التَّخَلُّصَ مِنْ الْأَذَى الَّذِي بِهِ بِخِلَافِ حَصْرِ الْعَدُوِّ؛ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دَخَلَ عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ فَقَالَتْ: إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ وَأَنَا شَاكِيَةٌ فَقَالَ: حُجِّي وَاشْتَرِطِي: أَنَّ مَحَلِّي حَيْثُ حَبَسْتنِي» فَلَوْ كَانَ الْمَرَضُ يُبِيحُ التَّحَلُّلَ مَا احْتَاجَتْ إلَى شَرْطٍ لِحَدِيثِ «مَنْ كَسَرَ أَوْ عَرَجَ فَقَدْ حَلَّ» مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ فَإِنَّ مُجَرَّدَ الْكَسْرَ وَالْعَرَجَ لَا يَصِيرُ بِهِ حَلَالًا فَإِنْ حَمَلُوهُ عَلَى أَنَّهُ يُبِيحُ لَهُ التَّحَلُّلَ؛ حَمَلْنَاهُ عَلَى مَا إذَا اشْتَرَطَ الْحِلَّ عَلَى أَنَّ فِي الْحَدِيثِ كَلَامٌ: ابْنُ عَبَّاسٍ يَرْوِيهِ وَمَذْهَبُهُ بِخِلَافِهِ.
(وَإِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ) بِطُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ قَبْلَ وُقُوفِهِ (تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ) نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ (كَغَيْرِ الْمَرَضِ) أَيْ: كَمَا لَوْ فَاتَهُ الْحَجُّ لِغَيْرِ مَرَضٍ.
(وَلَا يَنْحَرُ) مَنْ أُحْصِرَ بِمَرَضٍ أَوْ ذَهَابِ نَفَقَةٍ (هَدْيًا مَعَهُ إلَّا بِالْحَرَمِ فَيَبْعَثَ بِهِ) أَيْ: الْهَدْيَ (لِيُذْبَحَ فِيهِ) أَيْ: الْحَرَمِ بِخِلَافِ مَنْ حَصَرَهُ الْعَدُوُّ وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا وَمِثْلُ الْمَرِيضِ: مَنْ ضَلَّ الطَّرِيقَ ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَتَبِعَهُ فِي الْمُنْتَهَى وَمِثْلَهُ أَيْضًا: حَائِضٌ تَعَذَّرَ مُقَامُهَا، أَوْ رَجَعَتْ وَلَمْ تَطُفْ، لِجَهْلِهَا بِوُجُوبِ طَوَافِ الزِّيَارَةِ، أَوْ لِعَجْزِهَا عَنْهُ، أَوْ لِذَهَابِ الرُّفْقَةِ