رواية السماع؛ لبعد احتمال تطرق التصحيف والغلط عليها (?) ، وقد اختلف علماء الحديث في صحة الرواية بالمكاتبة -بعد اتفاقهم على صحة الرواية بالسماع- والصحيح جوازها، مما يدل على أنها أقل مرتبة من السماع (?) ، فتقرر تقديم الحفظ على الكتابة، ولاسيما عند العرب، تلك الأمة الأمية، التي يقلُّ فيها من يعرف الكتابة، ولذا كان جلُّ اعتمادهم في تواريخهم وأخبارهم على الحفظ، حتى قويت عندهم هذه الملكة، فكانوا مطبوعين عليها مخصوصين بها، يعِزُّ أن يقع منهم خطأٌ أو نسيانٌ لشيءٍ مما حفظوه، وإذا كان هذا حالهم في الجاهلية، ففي الإسلام أعظم (?) ، حيث اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، وقيَّضهم لحمل هذا الدين عنه، وتبليغه لمن بعدهم، فملأ قلوبهم بالإيمان والتقوى والخوف منه: أن يبلغوا شيئاً من أحكام هذا الدين على خلاف ما رأوا عليه النبي صلى الله عليه وسلم أو سمعوه منه، وقريبٌ منهم من اجتمع بهم وشاهد أحوالهم واقتفى آثارهم من التابعين لهم بإحسان رضي الله تعالى عنهم أجمعين (?) .