وأقام في الناس أبلغ خطيب وأفصحه وأنفعه لهم وأنصحه، وواعظاً تشفِي مواعظه القلوب من السقم، وطبيباً يبرِّئ بإذنه أنواع الألم، يكسر العساكر العظيمة على أنه الضعيف الوحيد، ويخاف سطوته وبأسه ذو البأس الشديد، وبالأقلام تدبر الأقاليم، وتساس الممالك، والقلم لسان الضمير يناجيه بما استتر عن الأسماع فينسج حلل المعاني في الطرفين فتعود أحسن من الوشى المرقوم، ويودعها حكمه فتصير بوادر الفهوم والأقلام نظام للأفهام، وكما أن اللسان بريد القلب، فالقلم بريد اللسان، وتولّدُ الحروف المسموعة عن اللسان كتولد الحروف المكتوبة عن القلم، والقلم بريد القلب ورسوله وترجمانه ولسانه الصامت (?) ".
ولأهمية الكتابة وشرفها عُني الشرع المطهر بها فحث على تعلمها وتعليمها وظهر ذلك من رفع شأن الكتبة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فشرَّفهم بكتابة القرآن الكريم، وتدوين سنته صلى الله عليه وسلم، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم فداء أسرى بدر لمن لم يستطع فداء نفسه بالمال أن يعلم صبيان الأنصار الكتابة (?) ، وأذن للنساء بتعلم الكتابة وتعليمها (?) ، وكن جماعة من النساء الصحابيات رضي