وإذا ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم استفاد من هؤلاء الكتاب - رضي الله عنهم- فاستعماله لهم لا يخرج عن الوحيين الكتاب والسنّة.
فأما الأول فلا جدال في استعماله للكتبة في كتابة ما يوحى إليه من القرآن حيث كان يأمرهم بالكتابة عنه متى ما تنزل عليه الوحي، وهذا معلوم ضرورة لا يحتاج إلى شواهد وبيان.
وأما السنة وهي وحي من الله كما قال الله جل ذكره: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:3، 4] فكل ما صدر منه عليه الصلاة والسلام من أقوال وأفعال وتقريرات وأحوال داخل في السنة وقد استعمل الكتابة في أمور كثيرة، مما يدل على مشروعية كتابة السنة وأنه قد كتب منها شيء كثير، وإن اتخذ البعض منها صور المراسلات والمعاهدات والوصايا أو بيان أحكام، فلا تخرج كلها عن السنة المطهرة، وقد ثبت أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يكتبون حديثه بنظره وإقراره كما قال عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما "بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب إذ سئل أي المدينتين تفتح أولاً.... الحديث" (?) .