وإليك المراد بحقيقة هذه الكلمة عند علماء الأمة.
... قال الفيروزابادى: "الظن التردد الراجح بين طرفى الاعتقاد غير الجازم (?) ، قال الأستاذ محمد رشيد رضا: وهو تعريف مأخوذ من اصطلاح علماء المعقول كالمناطقة والفلاسفة (?) ، ومثله قول الجرجانى: الظن الاعتقاد الراجح مع احتمال النقيض، وقيل الظن أحد طرفى الشك بصفة الرجحان، ويستعمل فى اليقين والشك (?) ، وعلى هذا صار أهل الأصول فى تعريفهم للظن (?) .
... فمن استعمالاته فى اليقين قوله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} (?) وقال تعالى: {وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ} (?) . ويطلق اليقين على الظن كما فى قوله تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} (?) أى ظننتموهن.
"وليس معنى ذلك أن كل يقين ظن، وإنما المراد أن الظن على مراتب، منها ما يرادف اليقين، ومنها ما هو دونه فبينهما العموم والخصوص بإطلاق" (?) .
... فخبر الآحاد وإن كان ظنياً "بمعنى احتمال الخطا والوهم والكذب على الراوى" فإن هذا الاحتمال بعد التثبت والتأكد من عدالة الراوى، ومقابلة روايته بروايات أقرانه من المحدثين، يصبح الاحتمال بخطأه ووهمه - ضعيفاً - فيفيد الخبر العلم اليقينى، ولا سيما إذا احتفت به قرينة من القرائن السابق تفصيلها.
وحتى مع القول بأن خبر الواحد يفيد الظن الراجح بصدق الخبر، فإن هذا الظن يستند إلى أصل قطعى وهو القرآن الكريم.