أما الآثار الموقوفة فصحح منها الحافظ الهيثمي رواية أبى بردة بن أبى موسى الأشعري بإسناد الطبراني في المعجم الكبير، والبزار في مسنده وبقية الروايات الموقوفة، وكذا المقطوعة يؤيد بعضها بعضًا، وتصلح حجة في بابها (1) .
ويشهد لذلك اعتبار الأئمة؛ كالخطيب، وابن عبد البر، والدارمي وغيرهم اعتمادهم بعض تلك الروايات في بيان موقف الصحابة والتابعين من كتابة السنة، وكراهيتهم للتدوين؛ لعلل سيأتى ذكرها.
وفي ذلك رد على المستشرقين التابعين لصنمهم الأكبر "جولدتسيهر" في زعمه؛ بأن أحاديث النهى عن كتابة السنة مخترعة من قبل أهل الرأى لتأييد مذهبهم في إنكار صحة السنة والاحتجاج بها.
وفي ذلك يقول الدكتور يوسف العش ردًا على جولدتسيهر: "إنه لم يصب حين قال: إن من ادعى عدم جواز الكتابة هم أهل الرأى، وأن مخالفيهم هم من أهل الحديث، فالخلاف لم يكن بين هاتين الفئتين؛ لأن من أهل الرأى من امتنع عن الكتابة كعيسى بن يونس (187هـ) ، وحماد بن زيد (179هـ) ، وعبد الله بن إدريس (192هـ) ، وسفيان الثوري (161هـ) ، وبينهم من أقرها كحماد بن سلمة (167هـ) ، والليث بن سعد (175هـ) ، وزائدة بن قدامة (161هـ) ، ويحيي بن اليمان (189هـ) وغيرهم.
ومن المحدثين من كره الكتابة كابن عليه (200هـ) ، وهشيم بن بشير (183هـ) ، وعاصم بن ضمرة (174هـ) ، وغيرهم، ومنهم من أجازها كبقية الكلاعي (197هـ) ، وعكرمة بن عمار (159هـ) ، ومالك بن أنس (179هـ) وغيرهم (2) .