وإن لم يتمكن العالم من ذلك للتعادل الذهني فاختلفوا على مذاهب منها:
1_ التخيير 2_ تساقط الدليلين والرجوع إلى البراءة الأصيلة
3_ الأخذ بالأغلظ 4_ التوقف.
ومعلوم بأن التوقف هنا حتى يمكن الجمع أو التأويل أو الترجيح. وكل ما سبق قال به من المعتزلة صاحب المعتمد في أصول الفقه في باب الأخبار المعارضة، وباب ما يترجح به أحد الخبرين على الآخر" (?) .
قال الحافظ ابن حجر: "فصار ما ظاهرة التعارض واقعًا على هذا الترتيب الجمع إن أمكن، فاعتبار الناسخ والمنسوخ، والترجيح إن تعين، ثم التوقف عن العمل بأحد الحديثين، والتعبير بالتوقف أولى من التعبير بالتساقط، لأن خفاء ترجيح أحدهما على الآخر، إنما هو بالنسبة للمعتبر في الحالة الراهنة مع احتمال أن يظهر لغيره ما خفى عليه وفوق كل ذي علم عليم" (?) .
ولا أعلم نقلاً عن أحد من العلماء برفض ورود الحديث بمجرد المخالفة الظاهرية مع القرآن الكريم، أو السنة، أو العقل مع إمكان الجمع، أو التأويل، أو الترجيح، حتى من نقل عنهم الأصوليون إنكار الترجيح وردوا عليهم إنكارهم، قالوا عند التعارض: يلزم التخيير أو الوقف (?) .
نعم لم ينقل رد السنة وجحدها بمجرد المخالفة الظاهرية إلا عن أهل البدع والأهواء كما حكاه عنهم الإمام الشاطبي في كتابه الاعتصام (?) ، وتابعهم ذيولهم في العصر الحديث من أصحاب المذاهب اللادينية.
وقصاري القول: إن أهل العلم مجمعون على أن السنة الصحيحة لا تخالف كتاب الله عزَّ وجلَّ، ولا تخالف سنة أخرى صحيحة مثلها، ولا تخالف العقل، وما يبدوا حينًا من تعارض هو من سوء الفهم لا من طبيعة الواقع، كما قال فضيلة الشيخ محمد الغزالي _ رحمه الله تعالى _: لا يتعارض حديث مع كتاب الله أبدًا، وما يبدو من تعارض هو من سوء الفهم لا من طبيعة الواقع " (?) .