فتعارضت عنده الأدلة، فترك أمره لله (1) ومثل ذلك قول أبو الهذيل العلاف (2) قال: "لا ندرى أقتل عثمان ظالماً أو مظلوماً" (3) .
فإذا انتقلنا بعد ذلك إلى الحروب التى كانت مع على ومعاوية -رضى الله عنهما، رأينا أن واصل بن عطاء، وعمرو بن عبيد، وجعفر بن مبشر، يؤيدون وجهة نظر علىَّ بن أبى طالب ويتبرأون من معاوية وعمرو بن العاص ومن كان فى شقهما" (4) .
بل إن البلخى (5) وهو أحد شيوخ المعتزلة رمى عمرو بن العاص ومعاوية - رضى الله عنهما - بالإلحاد (6) ونعوذ بالله عزَّ وجلَّ من الخذلان.
وهكذا كان المعتزلة فى أصولهم مخالفين لأهل السنة فى مفهوم الإسلام الجامع، وكان لهذه الأصول الأثر السئ على الإسلام "قرآناً وسنة" وعلى المسلمين.
لما كان المعتزلة لا يؤمنون إلا بما يتفق مع عقولهم وأصولهم الخمسة، وكان هناك من الأحاديث النبوية ما يهدم مذهبهم ويناقض أدلتهم، كان موقفهم من السنة غاية فى الخطورة، ولا نكاد نكون مبالغين إذا قلنا: بأنهم كادوا يهدمون المصدر الثانى للتشريع الإسلامى، فهم تناقضوا فى موقفهم من السنة ونشأ التناقض بتشبثهم بالعقل إلى ما يشبه تقديسه وتأليهه، ورفض ما يتعارض معه أو تأويله بما لا يخالف رأيهم، ولذلك وقعوا فى كثير من الهنات والتناقضات دفعتهم إليها نزعتهم العقلية.