وَبَقِي أَربع. وَقلت لإِبْرَاهِيم. تفهم فَإِن الْخَطَأ هَا هُنَا. فتفهم إِبْرَاهِيم فَقَالَ: مَا أعلم خطأ. فَقَالَ إِسْحَاق: فَإِنِّي أطرح عَنْك الْعَمَل كُله ثمَّ أَمر الْجَوَارِي فأمسكن وَقَالَ لوَاحِدَة مِنْهُنَّ تغني فغنت وَحدهَا. فَقَالَ يَا إِبْرَاهِيم مَا تَقول؟ قَالَ: نعم. هَا هُنَا خطأ وأقربه. فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُون يَا إِبْرَاهِيم: فهمه إِسْحَاق من نَيف وَسبعين وترا وَلَا تفهمه إِلَّا مُفردا مَتى تلْحقهُ فِي عمله.
حَدثنِي أَبُو بكر بن الخصين قَالَ: حَدثنِي مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم قَالَ: غنى إِبْرَاهِيم ابْن الْمهْدي عِنْد الْمَأْمُون يَوْمًا فَأحْسن وَفِي مَجْلِسه كَاتب من كتاب طَاهِر بن الْحُسَيْن يكنى أَبَا زيد وَكَانَ بَعثه فِي بعض أُمُوره وطرب أَبُو زيد فَأخذ بِطرف ثوب إِبْرَاهِيم فَقبله. قَالَ: فَنظر إِلَيْهِ الْمَأْمُون كالمنكر لما فعل. فَقَالَ لَهُ أَبُو زيد: مَا تنظر؟ أقبله وَالله وَلَو قتلت. قَالَ فَتَبَسَّمَ الْمَأْمُون وَقَالَ: أَبيت إِلَّا طرفا.
قَالَ: وَأُصِيب الْمَأْمُون بابنة لَهُ وَهُوَ يجد بهَا وجدا شَدِيدا فَجَلَسَ للنَّاس وَأمر أَن لَا يمْنَع مِنْهُ أحد وَأَن يثبت عَن كل رجل مقَالَته. قَالَ: فَدخل إِلَيْهِ فِيمَن دخل إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ كل مُصِيبَة تعدتك شوى إِذْ كنت المنتقم من الْأَعْدَاء وَلَك فِي رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أُسْوَة سنة فَإِنَّهُ عزى عَن ابْنَته رقية فَقَالَ: موت النَّبَات من المكرمات. فَأمر لَهُ الْمَأْمُون بِمِائَة ألف دِرْهَم: وَأمر أَن لَا يكْتب شَيْء بعد تعزيته.
وَقَالَ إِسْحَاق الموصلى: دخل إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي على الْمَأْمُون بعد صفحة عَنهُ وَعِنْده أَبُو إِسْحَاق المعتصم، وَالْعَبَّاس بن الْمَأْمُون فَلَمَّا جلس قَالَ لَهُ يَا إِبْرَاهِيم: إِنِّي استشرت أَبَا إِسْحَاق وَالْعَبَّاس آنِفا فِي أَمرك فأشارا على بقتلك. فَمَا تَقول فِيمَا قَالَا؟ فَقَالَ لَهُ: أما أَن لَا يَكُونَا قد نصحاك وأشارا عَلَيْك بِالصَّوَابِ فِي عظم الْخلَافَة وَمَا جرت بِهِ عَادَة السياسة فقد فعلا ذَلِك. وَلَكِن يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ تأبي أَن تجتلب النَّصْر إِلَّا من حَيْثُ عودكة اللَّهِ وَهُوَ الْعَفو. قَالَ: صدقت يَا عَم أدن مني فَدَنَا مِنْهُ فَقبل إِبْرَاهِيم يَده وضمه الْمَأْمُون إِلَيْهِ.