كتاب بغداد (صفحة 53)

وَحفظ فكرك مَا كَانَ يجب عَلَيْك أَلا يخْطر بِهِ. فَأَما إِذا خطأت فَلَا تعلم إِسْمَاعِيل مَا دَار بيني وَبَيْنك فِي أمره. فَظن على أَنه عَنَّا بقوله هَذَا إِسْمَاعِيل بن مُوسَى فَأخْبر إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر الْقِصَّة حرفا. حرفا فأذاعها. وَبلغ الْخَبَر الْمَأْمُون فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي وهب لي هَذِه الْأَخْلَاق الَّتِي أَصبَحت أحتمل بهَا على بن صَالح، وَابْن عمرَان وَابْن الطوسي، وَحميد بن عبد الحميد، وَمَنْصُور بن النُّعْمَان، ورعامش.

قَالَ: وَبَلغنِي أَن الْمَأْمُون قَالَ لأبي كَامِل الطباخ يَوْمًا وَعلي بن هِشَام عِنْده اتخذ لنا رُؤُوس حملان تكون غداءنا غَدا. قَالَ نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ. وَقَالَ لعلى بن هِشَام: إِن من آئن الرؤوس أَن توكل فِي الشتَاء خَاصَّة، وَأَن يبكر آكلها عَلَيْهَا، وَألا يخلط بهَا غَيرهَا، وَلَا يسْتَعْمل بعقبها المَاء، فصل الْغَدَاة وصر إِلَيْنَا. فَلَمَّا صلى على جَاءَ ودعا الْمَأْمُون أَبَا كَامِل فَقَالَ: أحضر الْمَائِدَة وَقدم الرؤوس. فَقَالَ: إِن آدم نسى فنسيت. فَقَالَ: خُذ لنا السَّاعَة من فرْصَة جَعْفَر قدر باقلي يكون غداءنا مِنْهُ وَأحب أَن لَا تنسى.

قَالَ: وَدخل أَبُو طَالب صَاحب الطَّعَام على لِلْمَأْمُونِ وَكَانَ من أسخف النَّاس وأجهلهم فَقَالَ الْمَأْمُون: كَانَ أَبوك يابا صديقنا، وَكُنَّا يَا بابحارة، وَأَنت يَا با لَا تعرف حَقنا وَلَا ترفع بِنَا رَأْسا، وَنحن يابا جيرانك، وَأَنت يابا لَا تبيعنا وَنحن يابا نوفيك. قَالَ:: والمأمون يطْرق مَا يرد عَلَيْهِ شَيْئا وَلَا يزِيدهُ على التبسم.

قَالَ: وحَدثني أَحْمد بن الْخَلِيل. قَالَ: حَدثنِي الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن عباد. قَالَ: حَدثنِي أبي. قَالَ: دخلت على الْمَأْمُون وَعَلِيهِ مبطنة فِيهَا رقاع وَهُوَ جَالس على لبد فِي يَده عود وَهُوَ يقلب جمرا بَين يَدَيْهِ فِي كانون. قَالَ: فَبَقيت انْظُر إِلَى مبطنته. قَالَ: فَفطن لي: فَقَالَ: لَعَلَّك تنظر إِلَى الرّقاع الَّتِي فِي منطقتي يَا مُحَمَّد؟ . قَالَ: قلت نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ: أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: -

(إلبس جديدك إِنِّي لابس خلقي ... وَلَا جَدِيد لمن لَا يلبس الخلقا)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015