كتاب بغداد (صفحة 41)

سيبعث هو مؤمن قال فلست إذا من المرجئة إن لم أقل هو مؤمن قلت فإن سمع بعد ذلك بمحمد ولقي محمدا عليه السلام هل أصاب الإقرار به إيمانا لم يكن أصابه قبل ذلك فعلم أنه ليس له حيلة فقال يا أمير المؤمنين على في الوضوء شدة فأذن له قال

سيبعثه رَسُولا. قلت فَمَا كلفنا نَحن؟ . قَالَ: إِن نعلم أَنه قد بَعثه. قلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: أفكلام هَذَا؟ قَالَ: لَا. قلت: فَإِذا عزمت أسأله. . قَالَ: سل. قلت: حَدثنِي عَمَّن آمن بمُوسَى وَعِيسَى وَلم يسمع بِأَن مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سيبعث هُوَ مُؤمن؟ قَالَ: فلست إِذا من المرجئة إِن لم أقل هُوَ مُؤمن. قلت: فَإِن سمع بعد ذَلِك بِمُحَمد وَلَقي مُحَمَّدًا عَلَيْهِ السَّلَام هَل أصَاب الْإِقْرَار بِهِ إِيمَانًا لم يكن أَصَابَهُ قبل ذَلِك فَعلم أَنه لَيْسَ لَهُ حِيلَة. فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: على فِي الْوضُوء شدَّة فَأذن لَهُ.

قَالَ: الْمَكِّيّ وَقلت لِلْمَأْمُونِ بعد الْخطْبَة فِي مجلسي: أعلم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن كل سَبَب اتَّصل، أَو أخاء انْعَقَد على غير التَّذْكِير بِاللَّه فَهُوَ عِنْده يبور وقديما مَا تمنى لى أخواني هَذَا المقعد، وَمَا أمكنني أَلا فِي ظلّ سلطانك بخروجك من طبع الْحِرْص وفرط الشره وأطراحك مَا كَانَ يلهج بِهِ غَيْرك من مُلُوك وسوقة عتوا فِيمَا [جرت بِهِ] الْمَقَادِير قدرهَا اللَّهِ فأنقرضوا، وأضحت دِيَارهمْ عَافِيَة، ومساكنهم خاوية، لَا يقترفون سَيِّئَة، وَلَا يَعْتَذِرُونَ من أُخْرَى سلفت، وَلَا يزِيدُونَ فِي حَسَنَة، قد غلقت رهون أَكْثَرهم، وَوَجَبَت شقوتهم، وَانْقطع من الْفرج رجاؤهم، وَإِنَّمَا ينْتَظر بهم لحاق هَذَا الْخلق، عتوا قَلِيلا، وشقوا طَويلا، وأضحوا موعوظا بهم وأدبا لغَيرهم بِحجَّة اللَّهِ عَلَيْهِم. قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " السعيد من وعظ بِغَيْرِهِ ". وَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاء يكثر بِأَن يَقُول: يَا أهل الشَّام: مَالِي أَرَاكُم تجمعون مَا لَا تَأْكُلُونَ، وتبنون مَالا تسكنون أَلا أَن عادا أَعْطَيْت أنعاما وماشية وَمد لَهَا مَا بَين صنعاء إِلَى الشَّام فَمن يشترى ذَلِك الْيَوْم مني بِربع دِينَار.

وَأعلم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: أَن النَّاس إِنَّمَا يرهبون يَوْم الْقِيَامَة من إِحْدَى ثَلَاث لَيست هُنَاكَ رَابِعَة: نقصة عملوها، وسهوة ارتكبوها، أَو شُبْهَة فِي الدّين انتحلوها، والداء الْأَعْظَم الشُّبْهَة هِيَ الَّتِي يظنّ صَاحبهَا الْحق بَاطِلا، وَالْبَاطِل حَقًا فَهُوَ كمخطئ الطَّرِيق إِذا ركض ازْدَادَ من الطَّرِيق بعدا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015