قَالُوا: وَلما كَانَ بعد دُخُول الْمَأْمُون بأيام وثب ابْن لإسحاق بن مُوسَى الْهَادِي يَوْم السبت لليلة بقيت من شهر ربيع الأول بِأَبِيهِ وَهُوَ الَّذِي كَانَ إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي ولي عَهده من بعده هُوَ وَخصي لِأَبِيهِ إِسْحَاق بن مُوسَى فوجياه بسكين حَتَّى قتلاه، فأخذا فَأتي بهما الْمَأْمُون فَأمر بقتل الْخصي فَأَخذه عبد اللَّهِ بن مُوسَى فَقتله وَحبس الابْن. فَقَالَ أَخُوهُ إِسْحَاق: لَا نرضي حَتَّى يقتل مَعَ الْخصي. فَأمر بقتْله فَأَخذه عبد اللَّهِ بن مُوسَى فَضرب عُنُقه. وَكَانَ قَتله لَهما يَوْم الْأَحَد لَا نسلاخ شهر ربيع الآخر.
ذكر إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس الْكَاتِب، عَن عَمْرو بن مسْعدَة، وحَدثني سهل بن عُثْمَان قَالَ: حَدثنِي الْحسن بن النُّعْمَان. . قَالَ: حَدثنِي أَحْمد بن أبي خَالِد الْأَحول قَالَ: لما قدمنَا من خُرَاسَان مَعَ الْمَأْمُون فصرنا فِي عقبَة حلوان وَكنت زميله قَالَ لي الْمَأْمُون يَا أَحْمد: إِنِّي أجد رَائِحَة الْعرَاق. قَالَ: فأجبته بِغَيْر جَوَابه وَقلت لَهُ: مَا اخلقه. فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا جوابي وَلَكِنِّي أحسبك سَهَوْت أَو كنت مفكرا. قَالَ: قلت نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ. قَالَ: فيمَ فَكرت؟ قَالَ قلت: فَكرت فِي هجومنا على بَغْدَاد وَلَيْسَ مَعنا إِلَّا خَمْسُونَ ألف دِرْهَم مَعَ فتْنَة غلبت على قُلُوب النَّاس واستعذبوها فَكيف يكون حَالنَا إِن هاج هائج أَو تحرّك متحرك؟
قَالَ: فَأَطْرَقَ مَلِيًّا ثمَّ قَالَ: صدقت يَا أَحْمد مَا أحسن مَا فَكرت وَلَكِنِّي أخْبرك: النَّاس على طَبَقَات ثَلَاث فِي هَذِه الْمَدِينَة يَعْنِي بَغْدَاد: ظَالِم ومظلوم، وَلَا ظَالِم وَلَا مظلوم. فَأَما الظَّالِم فَلَيْسَ يتَوَقَّع إِلَّا عَفَوْنَا وإمساكنا، وَأما الْمَظْلُوم فَلَيْسَ يتَوَقَّع أَن ينصف إِلَّا بِنَا. وَمن كَانَ لَا ظَالِما وَلَا مَظْلُوما فبيته يَسعهُ. فوَاللَّه مَا كَانَ إِلَّا كَمَال قَالَ.
وَذكر إِسْمَاعِيل بن أبي مُحَمَّد اليزيدي قَالَ: كُنَّا مَعَ الْمَأْمُون منصرفة من خُرَاسَان إِلَى بَغْدَاد فَلَمَّا دخل قرماسين أَقَامَ بهَا أَيَّامًا فَقَالَ لَهُ أَصْحَابه: هَذَا منزل طيب فَلَو أَقمت بهَا أَيَّامًا حَتَّى يَأْتِيك خبر إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي بِبَعْض مَا تحب. قَالَ: لَا وَالله قَالُوا: فأننا نتخوف أَن يكون دِمَاء فَتكون هَاهُنَا حَتَّى يقْضِي اللَّهِ من أمره مَا يقْضِي. قَالَ: