فِيهِ وَمَا كَانَ مُخَالفا ذَلِك فاصرفه إِلَى التثبت فِيهِ، وَالْمَسْأَلَة عَنهُ، وَلَا تمنن على رعيتك وَلَا غَيرهم بِمَعْرُوف تَأتيه إِلَيْهِم، وَلَا تقبل من أحد مِنْهُم إِلَّا الْوَفَاء والاستقامة والعون فِي أُمُور أَمِير الْمُؤمنِينَ، وَلَا تصنعن الْمَعْرُوف إِلَّا على ذَلِك. وتفهم كتابي إِلَيْك وَأكْثر النّظر فِيهِ وَالْعَمَل بِهِ، واستعن بِاللَّه على جَمِيع أمورك واستخره فَإِن اللَّهِ جلّ وَعز مَعَ الصّلاح وَأَهله، وَليكن أعظم سيرتك، وَأعظم رغبتك مَا كَانَ لله جلّ وَعز رَضِي، ولدينه نظاما، ولأهله عزا وتمكينا، وللملة والذمة عدلا وصلاحا، وَأَنا أسأَل اللَّهِ أَن يحسن عونك، وتوفيقك، ورشدك، وكلاءتك. وَأَن ينزل عَلَيْك فَضله وَرَحمته بِتمَام فَضله عَلَيْك وكرامته لَك حَتَّى يجعلك أفضل أمثالك نَصِيبا، وأوفرهم حظا، وأسناهم ذكرا وأمرا، وَأَن يهْلك عَدوك، وَمن ناو أك وبغى عَلَيْك ويرزقك من رعيتك الْعَافِيَة، ويحجز الشَّيْطَان عَنْك ووساوسه حَتَّى يستعلى أَمرك بالعز وَالْقُوَّة والتوفيق إِنَّه قريب مُجيب.
قَالَ: وَلما عهد طَاهِر بن الْحُسَيْن إِلَى عبد اللَّهِ ابْنه هَذَا الْعَهْد تنازعه النَّاس وكتبوه وتدارسوه، وشاع أمره حَتَّى بلغ الْمَأْمُون فَدَعَا بِهِ وَقُرِئَ عَلَيْهِ وَقَالَ: مَا بقى أَبُو الطّيب شَيْئا من أَمر الدّين وَالدُّنْيَا، وَالتَّدْبِير والرأى، والسياسة وَإِصْلَاح الْملك، والرعية وَحفظ الْبيعَة، وَطَاعَة الْخُلَفَاء وتقويم الْخلَافَة إِلَّا وَقد أحكمه وَأوصى بِهِ وَتقدم فِيهِ. وَأمر أَن يكْتب بذلك إِلَى جَمِيع الْعمَّال فِي نواحي الْأَعْمَال. وَتوجه عبد اللَّهِ إِلَى عمله فَسَار بسيرته وَاتبع أمره وَعمل بِمَا عهد إِلَيْهِ.
وَذكر أَبُو حسان الزيَادي وَغَيره: أَن طَاهِرا لما تولى خُرَاسَان كَانَ خُرُوجه
من بَغْدَاد يَوْم الْأَحَد لليلة بقيت من ذِي الْقعدَة وَكَانَ عَسْكَر قبل ذَلِك بشهرين فَلم يزل مُقيما فِي عسكره حَتَّى خرج فِي هَذَا الْيَوْم، وَإِنَّمَا كَانَ سَبَب ولَايَته أَنه قتل عبد الرَّحْمَن المطوعي الحرورى بِغَيْر أَمر والى خُرَاسَان فتخوفوا أَن يكون لذَلِك أصل وَكَانَ وَالِي خُرَاسَان غَسَّان بن عباد ابْن عَم الْفضل بن سهل