أُمُورهم ومشتبهاتها عَلَيْهِم بِمَا يدْفع الريب عَنْهُم وَيعود بالضياء وَالْبَيِّنَة على كافتهم وَأَن يؤثروا ذَلِك من ارشادهم وتبصيرهم إِذْ كَانَ جَامعا لفنون مصانعهم، ومنتظما لحظوظ عاجلتهم وآجلتهم ويتذكروا مَا اللَّهِ مرصد بِهِ من مسائلتهم عَمَّا حملوه، ومجازاتهم بِمَا أسلفوه وَقدمُوا عِنْده وَمَا توفيق أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَّا بِاللَّه وَحده وحسبه اللَّهِ وَكفى بِهِ. وَمِمَّا بَينه أَمِير الْمُؤمنِينَ برويته وطالعه بفكره وَنَظره فندس عَظِيم خطره وجليل مَا يرجع فِي الدّين من وكفه وضرره مَا ينَال الْمُسلمُونَ بَينهم من القَوْل فِي الْقُرْآن الَّذِي جعله اللَّهِ إِمَامًا لَهُم، وأثرا من رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَصفيه مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاقِيا لَهُم، واشتباهه على كثير مِنْهُم حَتَّى حسن عِنْدهم، وتزين فِي عُقُولهمْ أَن لَا يكون مخلوقا فتعرضوا بذلك لدفع خلق اللَّهِ الَّذِي بَان بِهِ عَن خلقه، وَتفرد بحلالته من ابتداع الْأَشْيَاء كلهَا بِحِكْمَتِهِ وأنشائها بقدرته والتقدم عَلَيْهَا بأوليته الَّتِي لَا يبلغ أولاها، وَلَا يدْرك مداها وَكَانَ كل شَيْء دونه خلقا من خلقه وحدثا هُوَ الْمُحدث لَهُ وَإِن كَانَ الْقُرْآن ناطقا بِهِ ودالا عَلَيْهِ، وقاطعا للِاخْتِلَاف فِيهِ، وضاهوا بِهِ قَول النصاري فِي أدعائهم فِي عِيسَى بن مَرْيَم صلوَات اللَّهِ عَلَيْهِ إِنَّه لَيْسَ بمخلوق إِذْ كَانَ كلمة اللَّهِ وَالله عز وَجل يَقُول: {أَنا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيا} وَتَأْويل ذَلِك إِنَّا خلقناه كَمَا قَالَ جلّ ثَنَاؤُهُ [ {وَمن آيَاته أَن خلق لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا لتسكنوا إِلَيْهَا} وَقَالَ: {وَجَعَلنَا اللَّيْل لباسا وَجَعَلنَا النَّهَار معاشا} . وَقَالَ: {وَجَعَلنَا من المَاء كل شَيْء حَيّ} فسوى عز وَجل بَين الْقُرْآن وَبَين هَذِه الْخَلَائق الَّتِي ذكرهَا فِي شية الصَّنْعَة، وَأخْبر أَنه جاعلة وَحده فَقَالَ: {بل هُوَ قُرْآن مجيد فِي لوح مَحْفُوظ} فَقَالَ ذَلِك على أحاطة اللَّوْح بِالْقُرْآنِ وَلَا يحاط إِلَّا بمخلوق. وَقَالَ لنَبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {لَا تحرّك بِهِ لسَانك لتعجل بِهِ} وَقَالَ: