كتاب بغداد (صفحة 151)

وَإِن شَاءَ أقلناه. فَقلت يَا سَيِّدي: وَمن أَبُو دلف وَمن أَنا حَتَّى يمدحنا بأجود من مديحك؟ فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا الْكَلَام من الْجَواب عَن الْمَسْأَلَة فِي أَي شَيْء فَأَعْرض ذَلِك على الرجل. قَالَ عَليّ بن جبلة: قَالَ لي حميد: مَا ترى؟ قلت: الْإِقَالَة أحب إِلَيّ. فَأخْبر الْمَأْمُون فَقَالَ هُوَ أعلم. قَالَ حميد: قلت لعلى إِلَى شئ ذهب فِي مدحك ابادلف وَفِي مدحك لي فَقَالَ إِلَى قولى فِي أبي دلف: -

(إِنَّمَا الدُّنْيَا أَبُو دلف ... بَين مغزاه ومحتضره)

(فَإِذا ولى أَبُو دلف ... ولت الدُّنْيَا على أَثَره)

والى قولي فِيك: -

(لَوْلَا حميد لم يكن ... حسب يعد وَلَا نسب)

(يَا وَاحِد الْعَرَب الَّذِي ... عزت بعزته الْعَرَب)

قَالَ: فَأَطْرَقَ حميد سَاعَة ثمَّ قَالَ: يَا أَبَا الْحسن لقد انتقد عَلَيْك أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمَأْمُون وَأمر لي بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم وحملان وخلعة وخادم. وَبلغ ذَلِك أَبَا دلف فأضعف لي الْعَطِيَّة وَكَانَ ذَلِك مِنْهُمَا فِي ستر لم يعلم بِهِ أحد إِلَى أَن حدثتك يَا أَبَا نزار بِهَذَا. قَالَ أَبُو نزار: وظننت أَن الْمَأْمُون تفقد عَلَيْهِ هَذَا الْبَيْت فِي أبي دلف.

(تحدر مَاء الْجُود من صلب آدم ... فأثبته الرحمان فِي صلب قَاسم)

أَخْبرنِي سُلَيْمَان بن رزين الْخُزَاعِيّ ابْن أخي دعبل قَالَ: هجا دعبل الْمَأْمُون فَقَالَ: -

(ويسومني الْمَأْمُون خطة عَارِف ... أوما رأى بالْأَمْس رَأس مُحَمَّد)

(يُوفى على هام الخلائف مثل مَا ... توفّي الْجبَال على رُؤُوس القردد)

(وَيحل فِي أكناف كل ممنع ... حَتَّى يذلل شاهقا لم يصعد)

(إِن التراث مسهد طلابها ... فَاكْفُفْ لعابك عَن لعاب الْأسود)

فَقيل لِلْمَأْمُونِ إِن دعبلا هجاك. فَقَالَ: هُوَ يهجو أَبَا عباد لَا يهجوني. يُرِيد حِدة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015