كتاب بغداد (صفحة 143)

أشهدوا أَنِّي قد زوجتها الزَّانِيَة مِنْهُ، ثمَّ قَالَ لَهُ: كشحتك أحب إِلَى من أَن تكشحني خُذ بِيَدِهَا فَأخذ بِيَدِهَا وَقَامَت من الْمجْلس إِلَى مضربه. فَلَمَّا ولى المعتصم كتب إِلَى إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم: أَن مر مُحَمَّد بن حَامِد أَن يُطلق عريب فَأمره فتأبى فَكتب إِلَيْهِ أَن أضربه فَضَربهُ بالمقارع حَتَّى طَلقهَا.

حَدثنِي أَبُو مُوسَى هَارُون بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن مُوسَى الْهَادِي. قَالَ: حَدثنِي على بن صَالح. قَالَ: قَالَ لي الْمَأْمُون يَوْمًا: أبغى رجلا من أهل الشَّام لَهُ أدب يجالسني ويحدثني فَالْتمست ذَاك لَهُ فَوَجَدته فدعوت بالشامي فَقلت لَهُ إِنِّي مدخلك على أَمِير الْمُؤمنِينَ فَلَا تسأله عَن شَيْء أبدا حَتَّى يبتدئك، فَإِنِّي أعرف النَّاس بمسألتكم يَا أهل الشَّام فَقَالَ: مَا كنت متجاوزا لما أَمرتنِي. فَدخلت على الْمَأْمُون فَقلت: قد أصبت الرجل يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ. فَقَالَ: أدخلهُ. فَدخل فَسلم ثمَّ استدناه، وَكَانَ الْمَأْمُون على شغله من الشَّرَاب فَقَالَ: إِنِّي أردتك لمجالستي ومحادثتي. فَقَالَ الشَّامي يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: إِن الجليس إِذا كَانَت ثِيَابه دون ثِيَاب جليسه دخله لذَلِك غَضَاضَة قَالَ: فَأمر الْمَأْمُون أَن يخلع عَلَيْهِ، قَالَ على: فدخلني من ذَلِك مَا اللَّهِ بِهِ عليم. فَلَمَّا خلع عَلَيْهِ وَرجع إِلَى مَجْلِسه قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: إِن قلبِي إِذا كَانَ مُعَلّقا بعيالي لم تنْتَفع بمحادثتي. قَالَ: خمسين ألف دِرْهَم تحمل إِلَى منزله. ثمَّ قَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وثالثة. قَالَ: وَمَا هِيَ؟ . قَالَ: قد دَعَوْت بِشَيْء يحول بَين الْمَرْء وعقله فَإِن كَانَت منى هنة تغتفرها. قَالَ: وَذَاكَ. قَالَ على: فَكَأَن الثَّالِثَة جلت عني مَا كَانَ بِي.

حَدثنِي أَبُو حشيشة مُحَمَّد بن على بن أُميَّة بن عَمْرو قَالَ: أول من سمعني من الْخُلَفَاء الْمَأْمُون وَأَنا غُلَام وَهُوَ بِدِمَشْق وصفني لَهُ مُخَارق فَأمر لي بِخَمْسَة آلَاف دِرْهَم أتجهز بهَا فَلَمَّا وصلت إِلَيْهِ أعجب بِي وأكرمني. وَقَالَ للمعتصم يَا أَبَا إِسْحَاق: ابْن خدمك، وخدم أبائك وأجدادك وكتابهم حج جدك الْمهْدي أَربع حجج فَكَانَ أُميَّة جد هَذَا زميله فِيهَا، وَكَانَ كَاتبه على السِّرّ، والخاتم، وَبَيت المَال، وَكَانَ يشتهى من غنائي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015