من بَغْدَاد حَتَّى لَقِي أَمِير الْمُؤمنِينَ بتكريت فَأَجَازَهُ وَأمره أَن يدْخل عَلَيْهِ امْرَأَته ابْنة أَمِير الْمُؤمنِينَ فأدخلت عَلَيْهِ فِي دَار أَحْمد بن يُوسُف الَّتِي على شاطئ دجلة فَأَقَامَ بهَا. فَلَمَّا كَانَ أَيَّام الْحَج خرج بأَهْله وَعِيَاله حَتَّى أَتَى مَكَّة ثمَّ أَتَى منزله بِالْمَدِينَةِ فَأَقَامَ بِهِ.
قَالَ: ثمَّ رَحل الْمَأْمُون عَن تكريت وَسَار حَتَّى أَتَى الْموصل ثمَّ سَار من الْموصل إِلَى نَصِيبين، ثمَّ سَار من نَصِيبين إِلَى حران، ثمَّ سَار من حران إِلَى الرهاء، ثمَّ سَار إِلَى منبج ثمَّ سَار من منبج إِلَى دابق، ثمَّ سَار إِلَى إنطاكية، ثمَّ سَار حَتَّى أَتَى المصيصة ثمَّ خرج مِنْهَا إِلَى طرطوس ثمَّ رَحل من طرطوس إِلَى أَرض الرّوم لِلنِّصْفِ من جُمَادَى الأولى. ورحل الْعَبَّاس بن الْمَأْمُون من ملطية فَأَقَامَ أَمِير الْمُؤمنِينَ على حصن يُقَال لَهُ قُرَّة حَتَّى فَتحه عنْوَة وَأمر بهدمة وَذَلِكَ يَوْم الْأَحَد لأَرْبَع بَقينَ من جمادي الأولي.
قَالَ: وَقُرِئَ لِلْمَأْمُونِ فتح بِبَغْدَاد من بِلَاد الرّوم يَوْم الْجُمُعَة لعشر خلون من رَجَب وَجَاء الْمَأْمُون بعد ذَلِك فتح قُرَّة من بِلَاد الرّوم لثلاث عشرَة بقيت من رَجَب وزادت دجلة يَوْم الْأَرْبَعَاء لغرة ذِي الْحجَّة حَتَّى صَار المَاء على ظُهُور بيُوت الرَّحَى من الصراة وَذَلِكَ فِي وَقت لم يكن تزيد فِيهِ هَذِه الزِّيَادَة، وتقطعت لذَلِك الجسور بِمَدِينَة السَّلَام وَزَاد بعد ذَلِك أَكثر من تِلْكَ الزِّيَادَة ثمَّ نقص. قَالَ: وَلما فتح الْمَأْمُون حصن قُرَّة وغنم مَا فِيهِ اشْترى السَّبي بِسِتَّة وَخمسين ألف دِينَار ثمَّ خلى سبيلهم وَأَعْطَاهُمْ دِينَارا دِينَارا. وَخرج ابْنه الْعَبَّاس على درب الْحَدث فِي شهر رَمَضَان وغدر بِهِ منويل الرُّومِي الَّذِي قدم عَلَيْهِ بَغْدَاد وَدخل مَعَه أَرض الرّوم. فَلَمَّا خرج الْعَبَّاس وَكَانَ اسْتَخْلَفَهُ فِيمَا افْتتح من الْحُصُون. فَلَمَّا خرج من عِنْده غدر بِهِ وَأخرج من كَانَ خَلفه عِنْده من الْمُسلمين وَأخذ مَا كَانَ عِنْده من السِّلَاح وَصَالح ملك الرّوم. فَلَمَّا خرج أَمِير الْمُؤمنِينَ من أَرض الرّوم أَقَامَ بطرسوس ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ سَار مِنْهَا حَتَّى نزل دمشق فَلم يزل بهَا مُقيما إِلَى أَن انْقَضتْ سنة خمس عشرَة وَمِائَتَيْنِ، فَلَمَّا كَانَ فِي سنة سِتّ عشرَة وَمِائَتَيْنِ ورد الْخَبَر على أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن ملك