وَقَالَ فِي نَفسه. وَالله مَا حضر هَذَا الْيَوْم أحد فأتوهم فِيهِ ضربا من الضروب. وجفا أَحْمد بن يُوسُف وحجبه أَيَّامًا. وَأخْبر مُحَمَّد بن الْخَلِيل المعتصم فوفى لَهُ بِمَا كَانَ فَارقه عَلَيْهِ.
قَالَ أَحْمد بن أبي طَاهِر: قَالَ أَحْمد بن يُوسُف حَدثنِي ظريف مَوْلَانَا وَكَانَ نحويا قَالَ: وجهني مولاى الْقَاسِم بن يُوسُف بِكِتَاب إِلَى أبي دلف الْقَاسِم بن عِيسَى وَهُوَ يَوْمئِذٍ بِبَغْدَاد قَالَ: فَدخلت عَلَيْهِ وَعِنْده على بن هِشَام وَجَمَاعَة من قواد أَمِير الْمُؤمنِينَ وَهُوَ مكبوب على شطرنج بَين أَيْديهم فقر بني وساءلني وَأخذ الْكتاب وَأَمرَنِي بِالْجُلُوسِ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ على بن هِشَام أَو بعض من حضر: قربت هَذَا العَبْد وأجلسته؟ فَقَالَ لَهُ: إِنَّه أديب وَإنَّهُ شَاعِر وَهُوَ عبد من هُوَ عَبده. قَالَ: فَقَالُوا: إِن كَانَ شَاعِرًا فَلْيقل فِي أَيّنَا إِلَيْهِ أحب أبياتا. قَالَ ذَلِك إِلَيْهِ. قَالَ: فَقلت تَأذن جعلني اللَّهِ فدَاك فِي شئ قد حضرني. قَالَ: هاته. فأنشده: -
(أَبُو دلف فَتى الْعَرَب ... وفارسها لَدَى الكرب)
(وهوب الْفضة ابيضا ... والعينات وَالذَّهَب)
(أحبكم إِلَى قلبِي ... وَإِن كُنْتُم ذَوي حسب)
قَالَ فَكتب جَوَاب الْكتاب وتشور الْقَوْم وعدت بِالْجَوَابِ إِلَى مولاى فَلَمَّا قَرَأَهُ قَالَ لي: أحدثت ثمَّ حَدثا؟ قلت: لَا. قَالَ لتصدقني عَن الْمجْلس فَحَدَّثته بِكُل مَا كَانَ فأعتقني وَوَلَدي وأمرأتي ووهب لي الْمنزل الَّذِي كنت أنزلهُ، وأمرلى بِخَمْسِمِائَة دِرْهَم فَخرجت من عِنْده فَإِذا أخواني وأصحابي على الْبَاب ليهنؤني إِذا برَسُول أبي دلف وَأحد وكلائه قد وافى فَسَأَلَنِي عَن حالى فَأَخْبَرته. فَأخْرج إِلَى كيسا فَدفعهُ إِلَى وَقَالَ وجهني أَبُو دلف وَقَالَ لي أَن أصبته مَمْلُوكا فاشتره، وَإِن أصبته حرا فأدفع إِلَيْهِ هَذِه الدَّنَانِير.