وحَدثني جرير بن إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس قَالَ: بَعَثَنِي أَحْمد بن أبي خَالِد إِلَى طَلْحَة بن طَاهِر فَقَالَ: قل لَهُ لَيْسَ لَك بِالسَّوَادِ ضَيْعَة وَهَذِه ألف ألف دِرْهَم بعثت بهَا إِلَيْك فأشتر بهَا ضَيْعَة، وَالله لَئِن لم تأخذها لأغضبن، وَإِن أَخَذتهَا لتسرنني فَردهَا فَقَالَ إِبْرَاهِيم: مَا رَأَيْت أكْرم مِنْهُمَا أَحْمد بن أبي خَالِد معطيا وَطَلْحَة متنزها
قَالَ أَحْمد بن أبي طَاهِر: كَانَ أَحْمد بن أبي خَالِد يصف لأمير الْمُؤمنِينَ أَحْمد بن يُوسُف كثيرا، ويحمله على منادمته، ويريده طَاهِر بن الْحُسَيْن ويزين أمره وَإِذا حضر إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي أطراه فَأمر الْمَأْمُون أَحْمد بن أبي خَالِد بإحضاره فَلَمَّا أخذُوا مجَالِسهمْ غمز أَحْمد بن أبي خَالِد أَحْمد بن يُوسُف أَن يتَكَلَّم فَقَالَ: الْحَمد لله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ الَّذِي استخصك فِيمَا استحفظك من دينه، وقلدك من خِلَافَته بسوابغ نعمه، وفضائل قسمه، وعرفك من تيَسّر كل عسير حاولك، وغلبه كل متمرد صاولك مَا جعله تكمله لما حباك بِهِ من موارد أُمُوره بنجح مصادرها حمدا ناميا زَائِدا لَا يَنْقَطِع أولاه وَلَا يَنْقَضِي أخراه، وَأَنا أسئل اللَّهِ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ من اتمام آلائه لديك، وإنماء مننه عَلَيْك، وكفايته مَا ولاك واسترعاك، وتحصين مَا حَاز لَك، والتمكين فِي بِلَاد عَدوك حَتَّى يمْنَع بك بَيْضَة الاسلام، ويعزبك أهلك ويبيح لَك حماة الشّرك، يجمع لَك متباين الألفة، وينحز بك فِي أهل العنود والضلالة إِنَّه سميع الدُّعَاء، فعال لما يَشَاء. فعال لما يَشَاء. فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُون: أَحْسَنت وبورك عَلَيْك ناطقا وساكتا. ثمَّ قَالَ بعد أَن بلاه وأختبره: عجبا لِأَحْمَد بن يُوسُف كَيفَ اسْتَطَاعَ أَن يخبأ نَفسه.
حَدثنِي أَبُو الطّيب بن عبد اللَّهِ بن أَحْمد بن يُوسُف قَالَ: كَانَ أَبُو جَعْفَر أَحْمد ابْن يُوسُف بعد دُخُوله على الْمَأْمُون يتقلد ديوَان السِّرّ لِلْمَأْمُونِ وبريد خُرَاسَان، وصدقات الْبَصْرَة، وصير لَهُ الْمَأْمُون نصف الصَّدقَات بِالْبَصْرَةِ طعمة لَهُ سبع سِنِين