كَمْ كَانَ يَأْوِي إِلَيْهِ فِي مَقَاصِرِهِ ... أَحْوى أَغَنَّ غَضِيضَ الطَّرْفِ أَحْوَرَهُ
كَمْ كَانَ فِيِه لَهُمْ مِنْ مَشْرَبٍ غَدَقٍ ... فَعَبَّ طِرْفُ الرَّدَى فِيهِ فَكَدَّرَهُ
أَيْنَ ابْنُ طُولُونَ بَانِيهِ وسَاكِنُهُ ... أَمَاتَهُ المَلِكُ الأَعْلَى فَأَقْبَرهُ
مَا أَوْضَحَ الأَمْرَ لَوْ صَحَّتْ لَنَا فِكَرٌ ... طُوبَى لِمَنْ خَصَّهُ رُشْدٌ فَذَكَّرَهُ
وقال أحمد بْن إِسْحَاق الحكر:
وَإِذَا مَا أَرَدتَّ أُعْجُوبَةَ الدَّهْرِ ... تَرَاهَا فَانْظُرْ إِلَى الَمَيْدَانِ
تَنْظُرُ الْبَثَّ وَالهُمُومَ وأَنْوَاعًا ... تَوَالَتْ بِهِ مِنَ الأَشْجَانِ
يَعْلَمُ العَالِمُ المُبَصِّرُ أَنَّ ... الدَّهْرَ فِيمَا نَرَاهُ ذُو أَلوَانِ
أَيْنَ مَا فِيه من نَعِيمٍ وَمِنْ ... عَيْشٍ رَخِيٍّ وَنَضْرَةٍ وحِسَانِ
أَيْنَ ذَاكَ المِسْكُ الَّذِي ذِيفَ ... بِالْعَنْبَر بَحْتًا وَعُلَّ بِالزَّعْفَرَانِ
أَيْنَ ذَاكَ الخَزُّ المُضَاعَفُ وَالْوَثْيُ ... وَمَا استَجْلَبُوا مِنَ الكَتَّانِ
أَيْنَ تِلْكَ القِيَانُ تَشْدُو عَلَى الفُرْشِ ... بِمَا استَحْسَنُوا مِنَ الأَلْحَانِ
دَوَّرَ الدَّهرُ آلَ طُولُونَ فِي هُوَّةِ ... قَفْرٍ مَسْكُونُهَا غَيْرُ دَانِ
وَأَعَاضَ المَيْدَانَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِيهِ ... ذِئَابًا تَعْوِي بِتِلْكَ الَمغَانِي
وقال سَعِيد القاصّ:
وَكَأَنَّ المَيْدَانَ ثَكَلَى أُصِيبَتْ ... بِحَبِيبٍ صَبَاحَ لَيْلَةِ عُرْسِ
تَتَغَشَّى الرِّيَاحُ مِنْهُ مَحَلّا ... كَانَ لِلصَّوْنِ فِي سُتُورِ الدِّمَقْسِ