النضج حاصلاً، لما كان لتعليله بذوق العذاب بتجديدها معنى. فلما ربط التبديل بذكر ذوق العذاب، دل على أن ذلك علة لذوق العذاب، أو شرط لذوقه. وإذا كان النضج يقلل الذوق للعذاب، ويختل به الحس، دل على أن بعدم الروح وزهوقها عنه أولى أن ينعدم الحس.
128 - فصل
قال حنبلي ــــــ وسمع واعظًا يزري على الدنيا ونعيمها، ويزعم أنها كالميتة، وأهلها كالكلاب عليها، وأغرق في هذا وأمثاله: بيني وبين هذا المزري على أبناء الدنيا، والمستخف بخير منها، جوعة تذله وتصرعه؛ حتى أوقفت الكليم عم يقول في ظل شجرة: {رب إني لما أنزلت إلي من خيرٍ فقير}. ويترك أمثالنا اليوم على أبواب أرباب الأموال الأنذال، بذل الطلب، مع التحجب عنا، والإيقاف لنا على الدهاليز، كالأيتام على أبواب الأوصياء. وأدنى شبق وعشق يبذلنا بقول العزل، والوقوف في أقبية البيوت والروازن، واليتيم والهيمان واللهج بالنساء والمردان، حتى يخلع العذار، ويرفض الوقار، ويكشف الأسرار، في النثر والأشعار. وأدنى مصاب يصيبنا في الأموال والأولاد يجعلنا كالنسوة الثواكل نتفًا للشعور، وتخريقًا للجيوب، وصكا للخدود. وأيسر شبهة تعرض، إما من طريق