"حثالة كحثالة التمر؛ " وقوله: "أمتي كالغيث أو كالمطر، لا يدرى أوله خير أم آخره؛ " كيف يجمع بين هذين؟
فأجاب حنبلي بأنه لا شك أنه لم يرد كل القرن الذي بعث فيه، بل يخرج منهم المنافقون والكفار ويبقى || الأخيار. فكذلك خير أمته الذين أشار إليهم هم الذين قال فيهم: "واشوقاه إلى إخواني! " قالوا: "ألسنا إخوانك؟ " قال: "أنتم أصحابي؛ إخواني قوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني." -وروي: "قوم يصلحون إذا أفسد الناس." -الهراب بذنبهم من شاهق إلى شاهق. فهؤلاء الذين يدعون إلى الصلاح عند فساد الناس. وهم الذين لا يدرى أهم خير، أم الذين كانوا يقاتلون على أن تكون كلمة الله هي العليا.
أنظر إذا أردنا نحن أن نؤلم الفيل لم يمكنا ذلك. إلا أن نعمل له آلة كبيرة لنوصل بها الألم. كالدافوقة الكبيرة، والمطرقة الثقيلة، والعاقوس الكبير المسقي. والباري إذا أراد إيلامه خلق البقة والجرجسة. والجرجسة حيوان لا يتحصل لنا منه شكل نقدر أن نصوره ولا نشكله، بل يصغر عن أن نعمل برأس القلم مثله. فوصل الألم به إلى تلك الخلقة العظيمة، والجثة الجافية الكبيرة، ليعلم العالمون أنا نقوى بالعمل لا بالآلات. وإنما