فاعترض حنبلي، فقال: أنا أذهب إلى أنه لا يسترق من لا كتاب له، ولا شبهة كتاب، عربيًا كان أو عجميًا. فالعبد عندي في هذا الباب. على أنه من لا يقر بالجزية لا يقر بالاسترقاق. فأعترض على ذلك بأن أقول: إن تثبت الأمر على الأذية، فاليهود بالغت في أذيته صلع، حتى إنهم قتلوه بالسم، حتى إنه كان ينتقض عليه في كل سنة. فقال عند مرض موته صلع: ما زالت أكلة خيبر تعتادني، فهذا أوان قطعت فيه أبهري. ثم مع هذه الأذية العظيمة لم يتعين قتلهم، بل أقررتهم بالجزية تارة وبالاسترقاق أخرى. ولأن المبالغين في أذيته من العرب قريش دون غيرهم، فكان يجب أن نخصهم بالقتل دون غيرهم ممن لم يؤذه.
قال الحنبلي: ولأن هذا التعليل منك قد بطل. وإن علل في ذلك بشيء، فأحسن التعليل ما ذهب إليه صاحبي أحمد رضه، حيث جعل عقد الباب في تعين القتل ومنع الاسترقاق، في أصح الروايتين عنه، الكفر الذي لا كتاب لأهله، ولا شبهة كتاب، عربًا كانوا أو عجما. لأن عبادة الأوثان لم تكن دينًا لله تع، فهي الغاية في الكفر. فالتعلق بالغاية في الكفر لتعين القتل والتعليل به أحسن من التعلق بأذية النبي صلع. فاستئصال عبدة الأوثان بالقتل وإخلاء الأرض منهم أبلغ في التعليل من أذية كانت في حق النبي وزالت. وعبادة الأوثان في بلاد الإسلام لا يجوز العفو عنها، ولا استدامتها بإبقاء أهلها. ولذلك لم