بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولًا}. ومن كان هذا مذهبه، وهذا الشخص ما ورد إليه سمع، يكفر بماذا؟ وما هو عند عدم السمع في وجوب نفي الكفر إلا بمثابة من عدم العقل عند من قال بأن العقل هو الموجب. فإنه لا يكفر عند تلك الطائفة، لما بيننا. وإن الموجب ما بلغه. وأنت قد نفيت إسقاط الضمان على حصول الكفر، ولا كفر.
أخذ الحنبلي المستدل يقول: أنني فرضت الكلام في نصراني ويهودي ومجوسي. وهؤلاء بعد بعثة رسولنا صلعن صارت أديانهم باطلة، ومعتقدها كافر، فكل من لم يصر إلى شريعة محمد صلم، فهو كافر.
وأخذ يشبع في ذلك ويقول شيئًا يخرج به عن المسألة، فيقول: ولا شك أنهم بين مبدل ومغير لكتابه الذي فيه أعلام نبوة نبينا، كما أخبر الله عنهم: {يحرفون الكلم عن مواضعه}، ويكتمون الحق وهم يعلمون، {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم}. والمعاند كافر.
فأجابه المعترض المحقق، فقال: فرضك من أهل الأديان بعد النسخ ما لم تصل البعثة إليهم ولا نسخ شرائعهم بمثابة من لم يسمع بشريعة شيء قط. لأن الحجة إنما ثبتت عليهم بعد السمع. ولهذا كان لا يقابل قومًا إلا بعد أن يدعوهم. ونحن اليوم لا نحتاج أن نقدم على الجهاد دعوة لانتشارها.
وأما قولك قد بدلوا وغيروا وعاندوا، فمتى فرضت في قتال هؤلاء زال الخلاف. لأن هؤلاء كفار؛ ولا ضمان في قتلهم بالإجماع. من كان