((كن)) كان قول الله تع: قلنا لهم قلبنا صورهم من الإنسانية إلى القردية {خاشعين} مبعدين، {أخسئوا فيها} ابعدوا؛ وصورة القردية تبعيد عن الصورة الحسنة إلى صورة مشوهة، {فجعلناها نكالًا}. وقوله في الأول {كونوا} خطاب مذكر. وقوله {فجعلناها} راجع إلى تأنيث المسخة، وهي الصورة المشوهة، وعظًا وزجرًا؛ {فلما بين يديها}، لما قدمت من ذنوبها؛ {وما خلفها}، لما يعمل به بعدها ليخاف من بعدها أن يعمل مثل عملها، فيؤخذ بما عمل كما أخذت به.
قال الحسن: {لما بين يديها}، لما قدموا من الأعمال السالفة، {وما خلفها}، خلف الأعمال السالفة؛ وهو صيدهم الحيتان يوم السبت.
قال حنبلي: وقد بان من صيد الحيتان بالرواية أنهم قدموا نصب الشباك قبل السبت، فوقعت الحيتان فيها يوم السبت، فأخذوها يوم الأحد، فأخذهم الله بالنصيب الذي كان قبل السبت، لما كان سببًا باقيًا مؤثرًا لوقوع الحيتان يوم السبت. فصاروا بآثار أفعالهم كالصائدين يوم السبت. وقوله {وموعظة للمتقين}، إنما خص المتقين لأنهم العاملون بحكم الموعظة؛ وإلا فالموعظة بالنكال والمسخ موعظة عامة لكل مكلف. هذا من أخوات قوله سح: {إنما أنت منذر من يخشاها}. وهو منذر الكل ممن يخشى ولا يخشى؛ لكن خص بذلك من انتفع بالإنذار ومثل قوله: {لينذر من كان حيًا}، يعني من انتفع بإنذارك فحي بالإيمان؛ {ويحق القول على الكافرين}، الذين هم كالأموات، الذين لم ينتفعوا بالحياة، كما سماهم {صما وعميانا}، حيث لم يستعملوا الأبصار