بالتسليم للفعل والتعليل لما علمته من الحكمة البالغة التامة؛ ولا تطلب منه بحسب ما عرف من القدرة، إلا مع الاقتضاء لنفسك بالتسليم لما عرفت من الحكمة.
فكم قد قص عليك من مبادئ أفعال مزعجة للطباع والعقول، كان مثالها إلى أمور للطباع والعقول؛ وإشعارات مبهجة كان عقيبها أمور مزعجة؛ وإشعارات مزعجة كان عقيبها أمور مبهجة. كمنام يوسف في إسجاد النيران له عقبه محن مؤلمات رمته في الجب، وإخراجه إلى الرق، ثم ترويعه بالتهمة بأفحش ذنب، ثم تعذيبه بالسجن. ومنام الخليل ترويع يذبح إسحاق أو إسماعيل. ثم عقبه بالنسخ إلى ذبح البهيم. ثم الدحو به في حبال المنجنيق نحو نار كالجحيم. ثم يتزيدها عنه بالتكوين ترويع نبينا صلع بمخافة القتل، والهرب إلى الغاز، والشقاء بالأسفار، والمخافة من الوطن إلى دار غربة، ثم الصد عن الكعبة في عمرة القضاء. ومعاناة الذل في محو الاسم ومنع الهدى ورد المستجير. ثم عقب ذلك المنام والوعد بصريح الفتح بما نزل من الوحي. ثم عقب ذلك كله بالفتح.
فوجب بهذا وأمثاله أن لا نأنس ببادرة خير ولا بادرة شر؛ بل نكون مع بادرة الشر على رجاء عاقبة خير؛ ونكون مع بادرة الخير خائفين من عاقبة شر. فكم العواقب دأب الحق، ليكون العبد معتمدًا عليه سح في الأمرين. هذا هو التكليف. ولو كشف العواقب سقط التكليف