لاسيما العقوبات، على الإسقاط بالشبه؛ والتعريض لإسقاطها، بل لعدم إيجابها، بقول الرسول، والإمام بعده، ((لعلك قتلت))؛ ((ما أخالك سرقت))، ((أسرقت؟ قل (لا)))؛ والرجوع بعد الإقرار. كل ذلك يعطي ضعف الحق. فكيف جعلته دليلاً على إيجاب القطع، وهو حد وعقوبة؟ ولأن الحرز لم يتحقق مع كون المال فيه لا لحفظه، لكن معرض للهلاك والبلى.
فقال الشيخ الإمام أسعد: أما حق الآدمي، فلا أنكره، لكن في حق ضمان المال. فأما العقوبة، فلا. وما هو إلا بمثابة إتلاف الأموال على أربابها. الحق في ضمانها لهم؛ وحق الله تع في النهي والعقوبة بالتعزير. وحد الزنا وضع لحفظ المياه عن الاختلاط، والإمساك عن الضياع. وكان المغلب في إيجاب الحد حق الله. ولهذا لا يسقط الحد في الزنا، ولا في السرقة، بإسقاط الآدمي، بعلم أنه ليس للآدمي حق في القطع. والمطالبة لا يقف استيفاء القطع عليها. بل إذا ادعى على السارق السرقة، فأنكر المدعى عليه، وأقام صاحب النصاب بينة، وجب القطع. ولم يترقب في استيفاء القطع وإقامة الحد مطالبة الآدمي به. بخلاف القصاص عندنا جميعاً. وحد القذف عندي، لما كان حقاً لآدمي، وقف على مطالبته به، وسقط بإسقاطه له.
وأما قولك إن حق الله في العقوبات مبني على الإسقاط، لا يمنع وجوب حقه، كالزنا؛ بل يختلف حق الله في العلو والدنو. كحد البكر يدنو، بكونه جلداً، عن حد الثيب، بكونه رجماً، لكنهما جميعاً حق الله.