وهذا كله مبني على أن الباري - سبحانه- ليس- من حيث سمي شيئًا وموجودًا وحيًا ومتكلمًا وجائيًا، بقوله: {وجاء ربك}، وآتيًا، بقوله: {يوم يأتي} - يجب أن يكون في ذاته حسبما نحن عليه، أو مثلنا. كذلك جميع ما يضاف إليه إنما يكون مجازًا. وقد شهد لهذه الاستعارات ما ورد في الخبر أن الله - سبحانه- يقول لعبده ((مرضت فلم تعدني، )) فيقول: ((وكيف وأنت رب العزة؟ )) فيقول: ((مرض عبدي فلان ولم تعده؛ ولو عدته، لوجدتني عنده.)) فاتقوا الله في حمل كل ما أضيف إلى الله أنه صفة لله. وصفات الله - سبحانه- ما لم يفارقه، كالعلم والقدرة. فأما ما تجدد وزال، فلا يجوز أن يكون؛ كالاستواء، ورؤيته لخلقه، وسماعه كلام خلقه؛ هذه أحوال، وليست صفات. فلم يزل بصيرًا سميعًا لكل مسموع ومرئي. فلما تجددت الأصوات، سمع تلك الأصوات؛ ولما خلق المرئيات، كان سامعًا لها رائيًا لها، وعلى هذا. فاعتقد، تسلم من هوة التشبيه. - والسلام.
وهذا كله يرد قول عوام الأصحاب من حد فلان وفلان، يشيرون إلى الأصحاب أن [لا] يردوا على المشايخ، ولا يعلمون أن السلف، الذين نحن أتباعهم، كلهم على ذلك. ولئن جاز أن يقال ((ليس من حدود فلان وفلان أن يردوا على المشايخ، )) جاز أن يقال ((ليس من حد أحمد رضه مخالفة الصديق، ومخالفة بنته عائشة، في مسألة الجد ومسألة رؤية النبي - صلى الله عليه وسلبم ربه ليلة الإسراء.