بمحصن. والمعنى يشهد لخبرنا. وهو أن الإحصان فضل وكمال, ولهذا لا يثبت مع الرق, ولا يثبت مع الكفر إحصان يوجب الحد بالقذف؛ بل لا يحد قاذف كافر قط. وإذا كان بهذه الصفة من النقص, كيف يجوز أن تثبت له رتبة الإحصان الموجب للرجم؛ والرق الذي هو أثر الكفر, لا يثبت معه إحصان؛ فكيف يثبت مع غير الكفر إحصان؟
فأجاب المستدل بأن قال: أما الحرية, فكافية في الإحصان. والحرية إذا وزنت بفضيلة الإيمان, رجحت بأمور أذكرها في الحد الذي نحن فيه, وفي غيره من الأحكام. فأما في الحد الذي كلامنا فيه, فإن الحر الكافر كمل جلدة مائة؛ والعبد المسلم الزاهد العدل, فحده نصف حد الكافر الحر. وكذلك في عين حد الأمة المسلمة, في باب النكاح, لا يتزوجها الحر المسلم إلا بشرط أن تكون تحته حرة؛ حتى لو كانت حرة كتابية, لم يجز أن يدخل على فراشها فراش أمة مسلمة صالحة.
قال أبو حنيفة كيلا يدخل الفراش الناقص ــــــــــــ يعني فراش المسلمة الأمة - على الفراش الكامل-يعني فراش الكافرة الحرة. وإذا كان قادرا على نكاح حرة كافرة كتابية, لم يجز له أن يعقد على أمة مسلمة, عند الشافعي وأحمد. ولو اجتمع تحته حرة كتابية وأمة مسلمة صالحة, جعل الشرع في القسم للحرة الكتابية مع كفرها ليلتين, وللأمة المسلمة الصالحة ليلة. فهذا بيان أن الحرية فضيلة كافية لفضل الإحصان مع عدم الإيمان.