نهاك تطلبًا لعلة ذاك, فتعديت طورك. ترى ما سمعت قوله: (ضرب لكم مثلاً من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء). ما ينبهك هذا على الانتهار والاستنكار لما أبداه حتى يوجب عليك إما التأويل له فيما أخفاه, وحمل ما سكت عن الاعتلال فيه لما أبداه, أو الاستسلام لما ثبت له من الملكة والحكمة, وبيان علل الإشفاق عليك فيما علله لك.
أنا أقول قولا لم يمتد إليه نظر غيري. وهو أنكم تلعنون من أشرك به بضم إله آخر إليه وتكفرون ذلك القائل. وأفعالكم وأقوالكم تعطي أنكم أثبتم نفوسكم إثبات الشركة له؛ إذ ليس انتقادكم على أفعاله وأقواله انتقاد النظر فقط, بل ربما كان ذلك انتقاد من فاقت حكمته, وعلت رتبته, وعبد يرى نفسه نظير سيده. آبق أعلى الأباقين؛ لأن الهارب أسقط حق سيده من الخدمة, والمقيم المعترض زاحم سيده في أحكام الملكة. فهذا يعده الملوك أكبر خارجي, إذا كان مالكه سلطانا؛ لأنك تقول ملء فمك: "لم فعل كذا؟ لم فعل كذا؟ " "ولم حكم بكذا؟ " ويلك! والويل لك! أنت تزعق على التلاع والأشراف "أشهد أن لا إله إلا الله," وفي الحقيقة تقول "أنا معترض على الله, مدبر لملك الله, معترض على فعل الله, متتبع لما حكم الله. أين التوحيد منك؟ والله إن من أشرك به سواه, لأنواع شك أو شبهة, أحسن حالا منك. فإنك لا تجد في نفسك شيئا يوجب لك أن تكون خارجا من العبودية مع معرفتك بنفسك, وكيف