واستدل المعترض على فساد مذهب من قال يخرج من الإيمان بقوله تع: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما}، إلى قوله {إنما المؤمنون إخوة}. فسماهم: مؤمنين مع البغي والخروج على الإمام، وذلك معصية كبيرة. وقوله صلعم: لا يزني الزاني حتى يزني وهو مؤمن. أراد به ((كامل)) كقوله: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد.
فاعترض عليه حنبلي، فقال: معلوم أن المتحقق من قولك أن لنا أربع مراتب: إيمان، ثم انتقاص من إيمان يخرج إليه بالمعصية، ثم إسلام، ثم كفر. وأنا أقول: إيمان؛ فإذا فعل كبيرة، خرج إلى الإسلام؛ فإذا ارتد، خرج إلى الكفر. فإذا قلت أنا ((نخرج من الإيمان إلى الإسلام)) لم أبق على نفسي رتبة نخرج إليها، سوى الكفر. وأنت تجعل لنا بين الإسلام والإيمان الكامل رتبة ينبغي أن تكشف لنا عن رتبة الإسلام منفردة. ما هي؟ وبم تحصل؟
فأجاب بأن لنا إيمانًا كاملًا، هو مجموع أعمال وأقوال؛ من جملة أقواله وأعماله الإسلام. فالإيمان مجموع من جملته؛ ومجموع الإسلام. وإذا ثبتت هذه القاعدة، فمحصول كلامك، إنما هي عبارة؛ وإلا فهو داخل في قولي. لأنك لو سئلت عن الإسلام ((ما هو؟ )) لقلت ((هو بعض الإيمان)) إذ كان الإيمان مجموع عدد بعدد، بنيف وتسعين خصلة. وكل اسم لمجموع، إذا زال بعض المجموع، لا يقال ((زال كله)) بل ((زال بعضه.)) ومهما بقي له بعض لا يقال ((خرج منه؛ )) إلا أن يقيد