فمن أحب النساء لم يمتع بمعاشه؛ ومن أحب الأشربة خرج من الدنيا والآخرة؛ ومن أحب الدنيا والدرهم عبد الدنيا.
وقد استعجلت الاستيحاش له، وتسلفت الاشتياق إليه، والركاب مناخة، والدار بعد جامعة. فكيف حالي إذا نسا الفراس، وانقطعت العلائق، فضربت النوى بيننا سياجها، وزحمت بعضاً على بعض بمناكبها. وتعللنا بعد العين بالأثر، وبعد اللقاء بالخبر. وإلى الله أرغب في أن يفيض عليك جلباب السلامة راحلاً ونازلاً، ويجعلك في ضمان الكفاية مقيماً وظاعناً، ويوردك المقصد الذي تقصده، والمرمى الذي ترمى نحوه، محفوظاً بيده الطولي، ملحوظاً بعينه اليقظي، إنه سميع الدعاء سابغ النعماء.
65 - كان أبو الهذيل العلاف، شيخ وقته في المعتزلة، يرى أن ليس فعل مباح؛ بل الأعمال الواقعة منا لا تخلوا أن تقع طاعة أو معصية. فقال له رجل كوفي: ألست تقول إن أفعالك لا تخلوا من طاعة أو معصية؟ قال: بلى. قال: فلبسك ثيابك هذه الجدد طاعة لله أو معصية له؟ فقال: إن كنت لبستها لأظهر بها نعمة الله علي، وأؤدي فيها فرائضه،